الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)يكون إما في عين الجمع أو في عين الفرق لا غير و لا سبيل أن يعري عن هاتين الحقيقتين موجود و لا يجمعها أبدا فالحق و الإنسان في عين الجمع و العالم في عين التفرقة لا يجتمع كما لا يفترق الحق أبدا كما لا يفترق الإنسان فالله سبحانه لم يزل في أزله بذاته و صفاته و أسمائه لم يتجدد عليه حال و لا ثبت له وصف من خلق العالم لم يكن قبل ذلك عليه بل هو الآن على ما كان عليه قبل وجود الكون كما «وصفه صلى اللّٰه عليه و سلم حين قال كان اللّٰه و لا شيء معه و زيد في قوله و هو الآن على ما عليه كان» فاندرج في الحديث ما لم يقله صلى اللّٰه عليه و سلم و مقصودهم أي الصفة التي وجبت له قبل وجود العالم هو عليها و العالم موجود و هكذا هي الحقائق عند من أراد أن يقف عليها فالتذكير في الأصل و هو آدم قوله ذلك و التأنيث في الفرع و هو حواء قوله تلك و قد أشبعنا القول في هذا الفصل في كتاب الجمع و التفصيل الذي صنفناه في معرفة أسرار التنزيل فآدم لجميع الصفات و حواء لتفريق الذوات إذ هي محل الفعل و البذر و كذلك الآيات محل الأحكام و القضايا و قد جمع اللّٰه تعالى معنى ذلك و تلك في قوله تعالى ﴿وَ آتَيْنٰاهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطٰابِ﴾ [ص:20] فحروف ﴿الم﴾ [الفاتحة:2] رقما ثلاثة و هو جماع عالمها فإن فيها الهمزة و هي من العالم الأعلى و اللام و هي من العالم الوسط و الميم و هي من العالم الأسفل فقد جمع ﴿الم﴾ [الفاتحة:2] البرزخ و الدارين و الرابط و الحقيقتين و هي على النصف من حروف لفظه من غير تكرار و على الثلاث بغير تكرار و كل واحد منهما ثلث كل ثلاث و هذه كلها أسرار تتبعناها في كتاب المبادي و الغايات و في كتاب الجمع و التفصيل فليكف هذا القدر من الكلام على ﴿الم﴾ [الفاتحة:2] البقرة في هذا الباب بعد ما رغبنا في ترك تقييد ما تجلى لنا في الكتاب و الكاتب فلقد تجلت لنا فيه أمور جسام مهولة رمينا الكراسة من أيدينا عند تجليها و فررنا إلى العالم حتى خف عنا ذلك و حينئذ رجعنا إلى التقييد في اليوم الثاني من ذلك التجلي و قبلت الرغبة فيه و أمسك علينا و رجعنا إلى الكلام على الحروف حرفا حرفا كما شرطناه أولا في هذا الباب رغبة في الإيجاز و الاختصار ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] انتهى الجزء الخامس ﴿وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ﴾ [الأنعام:45] «بسم اللّٰه الرحمن الرحيم» [الكلام على الحروف حرفا حرفا]«فمن ذلك حرف الألف»ألف الذات تنزهت فهل *** لك في الأكوان عين و محل قال لا غير التفاتي فأنا *** حرف تأبيد تضمنت الأزل فأنا العبد الضعيف المجتبى *** و أنا من عز سلطاني و جل الألف ليس من الحروف عند من شم رائحة من الحقائق و لكن قد سمته العامة حرفا فإذا قال المحقق إنه حرف فإنما يقول ذلك على سبيل التجوز في العبارة و مقام الألف مقام الجمع له من الأسماء اسم اللّٰه و له من الصفات القيومية و له من أسماء الأفعال المبدئ و الباعث و الواسع و الحافظ و الخالق و البارئ و المصور و الوهاب و الرزاق و الفتاح و الباسط و المعز و المعيد و الرافع و المحيي و الوالي و الجامع و المغني و النافع و له من أسماء الذات اللّٰه و الرب و الظاهر و الواحد و الأول و الآخر و الصمد و الغني و الرقيب و المتين و الحق و له من الحروف اللفظية الهمزة و اللام و الفاء و له من البسائط الزاي و الميم و الهاء و الفاء و اللام و الهمزة و له من المراتب كلها و ظهوره في المرتبة السادسة و ظاهر سلطانه في النبات و إخوته في هذه المرتبة الهاء و اللام و له مجموع عالم الحروف و مراتبها ليس فيها و لا خارجا عنها نقطة الدائرة و محيطها و مركب العوالم و بسيطها «و من ذلك حرف الهمزة»همزة تقطع وقتا و تصل *** كل ما جاورها من منفصل فهي الدهر عظيم قدرها *** جل أن يحضره ضرب المثل الهمزة من الحروف التي من عالم الشهادة و الملكوت لها من المخارج أقصى الحلق ليس لها مرتبة في العدد لها من |
|
|||||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |