الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() فإنك لا تدري بمن أنت قائل *** و ليس على من قال بالله من بأس فظهر القصور بالنيابة و هي الشركة كذلك القائل بالحق إلا آمر به قد يقع المأمور به و قد لا يقع و الحضرة واحدة فإذا قال العبد المطاع بغير الحق فذلك يقع و لا بد لأنه مخلص للتوحيد و إنه لا يقول إذا قال أو يأمر إذا أمر من غير أن يقول بحق أو يأمر بحق إلا من حقيقته الذي هو عليها من كونه كان أصلا في كون العالم به عالما فإذا أثر بذاته في العالم العلم و يكون العالم به يتنوع في التعلق به لتنوعه لنفسه فإنه لا يعتاص عليه شيء فلو كان من أحواله وقوع ذلك المأمور به لوقع كما وقع النطق به فإنه لا ينطق من حيث ذاته إلا بما هو عليه و صورة هذه المسألة و تحقيقها كقول الحق على لسان العبد افعل فيقع أو لا يقع و ذلك أن العبد من المحال أن ينطق من حيث نفسه نطق لسان ظاهر أو باطن و إنما ينطق بالله كل ناطق فإن اللّٰه هو المنطق كما قالت الجلود ﴿أَنْطَقَنَا اللّٰهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [فصلت:21] ناطق فيعطي الممكن بما هو عليه العلم لله و التكوين في غير اللّٰه لا يكون إلا لله لا لغيره و النطق من العبد و الهم تكوين من اللّٰه فيه فلم ينطق و لم يهم إلا بالله فلا يتوحد به الممكن و إذا أمر اللّٰه بتكوين على لسان عبده فقد يقع و قد لا يقع فلا ينطق العبد إلا بالاشتراك فلهذا قد يقع و قد لا يقع ما يأمر به أو يريده و كونه لو نطق به العبد بغير اشتراك لوقع إنما هو كقوله لو شاء اللّٰه و ما شاء اللّٰه فجاء بحرف لو و كذلك لو نطق العبد بنفسه و هو لا ينطق بنفسه و إنما ينطق بربه فالنطق للرب و إذا كان النطق للرب على لسان العبد فقد يكون الأثر و التكوين عن ذلك القول و قد لا يكون فتدبر هذا الكلام فإنه يتداخل و يتفلت من الذهن إن لم تتصور الأصل تصورا محكما لا يزال بين عينيك و اختصاره إن العبد لا ينطق أبدا إلا بالله [إن اللّٰه ينطق باللسان العبد]و إن اللّٰه إذا نطق على لسان العبد بالأمر فإنه لا يلزم وقوع ذلك المطلوب و لا بد و إذا انفرد الحق دون العبد بالتكوين فإنه يقع و لا بد و العبد لا ينفرد أبدا إلا بالتقدير و هو أن يقول فيه لو كما يقول في مشيئته الحق لو شاء و ما شاء [أن كل طالب إنما يطلب ما ليس عنده]و اعلم أن كل طالب إنما يطلب ما ليس عنده فإن الحاصل لا يبتغى و الحق لا يطلب من الممكن إلا تكوينه و تكوينه ليس عنده فإن الممكن في حال عدمه ليس بمكون فالتكوين ليس بكائن في العين الثابتة الذي هو الشيء فإذا أراده الحق قال له كن فيكون فأراد الحق حصول التكوين في ذلك الشيء لأنه ليس الكون عند ذلك الشيء فما أراد الكون لنفسه و إنما أراده للشيء الذي ليس عنده فإنه تعالى موجود لنفسه فهو يريد الأشياء للأشياء لا لنفسه فإنها عنده فإنه ما من شيء إلا عنده خزائنه : و لا تكون خزائن إلا بما يختزن فيها فالأشياء عنده مختزنة في حال ثبوتها فإذا أراد تكوينها لها أنزلها من تلك الخزائن و أمرها أن تكون فتكتسي حلة الوجود فيظهر عينها لعينها و لم تزل ظاهرة لله في علمه أو لعلمه بها فمن هنا يتحقق إن اللّٰه يطلب ما ليس عند الطالب و هو تكوين ما ليس بكائن في الحال فهذا تحقيق الواجد بالجيم قال الراجز أنشد و الباغي بحب الوجدان و الوجود المطلوب بالذكر عند الطائفة الذي يكون عن الوجد من هذا الباب و هو ما يجده أهل الوجد في نفوسهم في حال وجدهم من العلم بالله «الواحد الأحد حضرة التوحيد»وحد إلهك فالأفعال لله *** و لا تكن فيه بالساهي و لا اللاهي و احذر من الشرك أن الشرك منقصة *** يرديك سلطانها فإنها ما هي سواك و الغير شيء لا وجود له *** و اثبت فبيتك لا ملغى و لا واه لكن له لذة كبرى تعن لها *** أعضاؤنا كلها كلذة الباه اللّٰه يعلم أني في الذي ذكرت *** أبياتنا صادق و اللّٰه و اللّٰه [الوحدانية هي قيام الأحدية به]يدعى صاحبها عبد الواحد بالحاء المهملة إذا أراد الاسم و إذا أراد الصفة يقال له عبد الأحد و أما الوحدانية فهي قيام الأحدية به أعني بالواحد فما هي الأحدية و لا الواحد كالجسماني ما هو الجسم و إنما هو ما لا تظهر له عين إلا بقيامه بالجسم أو الجوهر و هو ما يقوم به من الصفات التي محلها الأجسام و كذلك الروح و الروحاني فالوحدانية نسبة محققة بين الأحدية و الواحد و كون الشيء يسمى واحد قد يكون لعين ذاته فلا يكون مركبا و هو الشيء فإن تركب فليس بشيء |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |