الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
﴿وَ لاٰ تَقُولُوا عَلَى اللّٰهِ إِلاَّ الْحَقَّ﴾ [النساء:171] فحاجة الحق في نفسه إلى ظهوره أعظم من حاجة المظهر له إلى إظهاره فإن الحق قد حجر علينا إظهار الحق في مواطن كالغيبة و النميمة و كتم الأسرار و كلها حق ممنوع الظهور في الكون القولي لا في عينه من حيث هو صفة لمن قام به فهو الظاهر الخفي فالإحسان من الحق رؤية و من العبد كأنه و الايمان من الحق و الخلق على حقيقته و كذلك الإسلام عند العارفين به غير أنه لا يقال في الحق إنه مسلم فما كل ما يدري يقال و لا كل ما يشهد يذاع صدور الأحرار قبور الأسرار ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] «الباب الأحد و الستون و أربعمائة في معرفة منازلة «من أسدلت عليه أن الضنائن عند اللّٰه في ستر *** مخدرون فلا تدري و لا تدري يغار منهم عليهم مثل ما حجبت *** بين الليالي صونا ليلة القدر فلا يراها سوى من لا يقيده *** نعت يجرده من عالم الأمر تبدو لناظره من خلف زافره *** من أول الليل حتى مطلع الفجر [العارفون هم المجهولون في العالم]قال اللّٰه تعالى ﴿حُورٌ مَقْصُورٰاتٌ فِي الْخِيٰامِ﴾ [الرحمن:72] و هم العارفون إشارة لا تفسيرا المجهولون في العالم فلا يظهر منهم و لا عليهم ما يعرفون به و هم لا يشهدون في الكون إلا اللّٰه لا يعرفون ما العالم لأنهم لا يشهدونه عالما فالحق سار و لكن ليس يدريه *** إلا الذي قال فيه إنه فيه لكل مليك حرم و حرم و هؤلاء العارفون العلماء به حرمه و حرمه الذي هم فيه العوائد العامة فما سترهم إلا بما هو مشهود للعام و الخاص فالعالم يشهد الحق اعتقادا و عينا و يشهد العالم حسا و هؤلاء يشهدون الحق عينا و يشهدون العالم إيمانا لكون الحق أخبرهم أن ثم عالما فيؤمنون به و لا يرونه كما أن العالم يؤمنون بالله و لا يرونه فهم شهداء حق بحق و هم ﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ﴾ [القمر:55] فيما تحققوا به فإن قيل لهم فقولكم بالشاهد و المشهود فرق فيقولون عند ذلك أ ليس تشهد ذاتك بذاتك فأنت غيرك و كلامهم في هذا كله مع الحق شهودا و مع الايمان بأن ثم عالما أدبا و إيمانا ف ﴿هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ [الأنفال:4] و العلماء صدقا و هذا بعض ما وقفنا عليه من منازلات الحق فإنها أكثر من أن يحصرها عد أو يضبطها حد ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] و ها نحن بحمد اللّٰه و معونته و الهامة نشرع في الأقطاب و الهجيرات التي كانوا عليها أبتغي بذلك الإعلام بأنه من عمل على ذلك وجد ما وجدوا و شهد ما شهدوا إذ بنيت كتابي هذا بل بناه اللّٰه لا أنا على إفادة الخلق فكله فتح من اللّٰه تعالى و سلكت فيه طريق الاختصار أيضا عن سؤال من العبد ربه في ذلك لأنه لا يقتضي حالنا إلا إبلاغ ما أمر الحق بإبلاغه ﴿وَ يَفْعَلُ اللّٰهُ مٰا يَشٰاءُ﴾ [ابراهيم:27] ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] انتهى السفر التاسع و العشرون بانتهاء الباب الأحد و الستين و أربعمائة من هذا الكتاب بسم اللّٰه الرحمن الرحيم «الفصل السادس في هجيرات الأقطاب و مقاماتهم المحمدية» «الباب الثاني و الستون و أربعمائة في الأقطاب المحمديين و منازلهم»اليثربي الذي لا نعت يضبطه *** و لا مقام و لا حال يعينه مرخى العنان على الإطلاق نشأته *** قامت فلا أحد منا يبينه من قال إن له نعتا فليس له *** علم به عند ما يبدو مكونه فعلمنا إن علمناه يشير به *** و جهلنا هو في علمي يزينه [إن الإنسان مسئول على جوارحه و جميع قواه]قال اللّٰه تعالى عن الملائكة و الملإ الأعلى ﴿وَ مٰا مِنّٰا إِلاّٰ لَهُ مَقٰامٌ مَعْلُومٌ﴾ [الصافات:164] و قال ﴿يٰا أَهْلَ يَثْرِبَ لاٰ مُقٰامَ لَكُمْ﴾ [الأحزاب:13] فأشبه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ﴾ [الشورى:11] |
|
|||||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
||||||||||||





