الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
ابن مريم المدعو بالابن و من جعل إن شرطا لا نفيا يكون معنى ﴿إِنْ كُنّٰا فٰاعِلِينَ﴾ [الأنبياء:17] إن نتخذ لهوا نتخذه من عندنا لا من عندكم فإنه ﴿مٰا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَ مٰا عِنْدَ اللّٰهِ بٰاقٍ﴾ [النحل:96] و ﴿إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ عِنْدَنٰا خَزٰائِنُهُ﴾ [الحجر:21] فما عندنا هو عند اللّٰه و نحن من عند اللّٰه و سيأتي هذا الهجير فإنه حال بعض الأقطاب فاعترف الحق بما أنكر و لذلك يكون الإنكار اعترافا بأن دعوى المدعي باطلة فيلزمه اليمين ما لم تقم بينة و بعد أن حصل من البيان ما حصل فلا بد أن نبين ما بقي في المسألة بالإجمال و هو أن التسبيح إذا سبح به المسبح أعني بلفظه الخاص به الدال عليه فلا بد أن يقيده باسم ما من الأسماء الإلهية الظاهرة أو المضمرة و المضافة و المطلقة و هو أن يقول سبحان اللّٰه أو سبحان الرب أو العالم فهذا معنى الاسم الظاهر و أما الاسم المضمر فمثل قوله سبحانه و سبحانك و أما المضاف فقوله ﴿سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ﴾ [الصافات:180] و أما المطلق ﴿سُبْحٰانَ اللّٰهِ وَ تَعٰالىٰ عَمّٰا يُشْرِكُونَ﴾ [القصص:68] فأي اسم نسبحه من أسماء اللّٰه تعالى و بأي حال نربطه فإن النتيجة التي تحصل لهذا لذاكر مناسبة لذلك الاسم و مرتبطة بتلك الحال و لا يظهر له صورة في الذاكر إلا بهذه المناسبة الخاصة فلا يتعين في هذا الذكر لنا أمر نقتصر عليه إلا ما ذكرناه مما يعم حكمه فإن النتائج تختلف فإن المحامد لا نقف عند حد و المسبح لا يسبحه إلا بحمده و تتبعنا الكتاب و السنة في طلب الأسماء فوجدناها تدور على اللّٰه و الرب المضاف و الاسم الناقص و الاسم المضمر كالهاء و الملك و العلي فالله قوله ﴿فَسُبْحٰانَ اللّٰهِ حِينَ تُمْسُونَ﴾ [الروم:17] و الرب قوله ﴿سُبْحٰانَ رَبِّكَ﴾ [الصافات:180] و الاسم الناقص ﴿سُبْحٰانَ الَّذِي أَسْرىٰ بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء:1] و المضمر قوله ﴿سُبْحٰانَهُ وَ تَعٰالىٰ﴾ [الأنعام:100] و الملك مثل الذي «ورد في السنة سبحان الملك القدوس» و العلي كما «ورد في السنة سبحان العلي الأعلى» و قد ورد من غير تقييد في السنة مثل قوله سبوح و هذا ذكر المذكور و نتيجته أعظم النتائج لأنه كناية عن عين المسبح بالتسبيح فاسمه هنا عينه و هذا أكمل تسبيح العارفين لأنه غاب عن الاسم فيه بالمسمى فاسلك مع القوم أية سلكوا *** إلا إذا ما تراهم هلكوا و هلكهم أن ترى شريعتهم *** بمعزل عنهم إذا سلكوا فاتركهم لا تقل بقولهم *** تأسيا بالاله إذ تركوا فإن جماعة من العقلاء جعلوا الشريعة بمعزل فيما زعموا و الشريعة أبدا لا تكون بمعزل فإنها تعم قول كل قائل و اعتقاد كل معتقد و مدلول كل دليل لأنها عن اللّٰه المتكلم فيه قد نزلت و إنما قلنا في هذه الطائفة المعينة إنها جعلت الشريعة بمعزل مع كونها قالت ببعض ما جاءت به الشريعة فما أخذت من الشريعة إلا ما وافق نظرها و ما عدا ذلك رمت به أو جعلته خطابا للعامة التي لا تفقه هذا إذا عرفت و اعتقدت أن ذلك من عند اللّٰه لا من نفس الرسول و هو قوله تعالى الذي قال عنهم على طريق الذم لهم ﴿وَ يَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَ نَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً أُولٰئِكَ هُمُ الْكٰافِرُونَ حَقًّا﴾ و قال تعالى ﴿أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتٰابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ [البقرة:85] فهذا معنى قولي إنهم جعلوا الشرع بمعزل و إن كان قد جاء الشرع بما هم عليه فما أخذوا منه ما أخذوا من كون الشرع جاء به و إنما قالوا به للموافقة احتجاجا و طائفتنا لا ترمي من الشريعة شيئا بل تترك نظرها و حكم عقلها بعد ثبوت الشرع لحكم ما يأتي به الشرع إليها و يقضي به فهم سادات العالم إنما القوم سادة إنما القول منه كن و الذي لا يريده *** و هو سهل فلا يهون [التخلق بالأسماء الإلهية سبب ربط العالم بعضه ببعض]و اعلم أن اللّٰه تعالى لما جعل بين الأشياء مناسبات ليربط العالم بعضه ببعض و لو لا ذلك لم يلتئم و لم يظهر له وجود أصلا و أصل ذلك المناسبة التي بيننا و بينه تعالى لولاها ما وجدنا و لا قبلنا التخلق بالأسماء الإلهية فما من حضرة له تعالى إلا و لنا فيها قدم و لنا إليها طريق أمم و سأورد ذلك إن شاء اللّٰه في باب الأسماء الإلهية من هذا الكتاب و أعظم الحضرات الإلهية في هذا الباب أنه لا يشبهه شيء و ما ثم إلا نحن و من لم يشبهك فلم تشبهه فكما انتفت المثلية عنه انتفت المثلية عن العالم و هو كل ما سواه بالمجموع فإن العالم إنسان واحد كبير لا يماثل أي لا مثل له و لهذا هو كل مبدع على غير مثال |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
||||||||||




