المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنبياء: [الآية 17]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الأنبياء | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي قَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (111) قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (112 (
[ "قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ " ]
«قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ» أي الحق الذي شرعت لنا ليثبت صدقي عند من أرسلتني إليهم فيما أرسلتني به ، فجاء بلفظ يدل على أنه وقع فقال تعالى مخبرا «قالَ» وهو عند العامة ما وقع ، فإنه يوم القيامة ، وما أخبر اللّه إلا بالواقع ، فلا بد أن يكون ثم حضرة إلهية فيها وقوع الأشياء دائما ، لا يتقيد بالماضي فيقال قد وقعت ، ولا بالمستقبل فيقال تقع ، ولكن
متعلقها الحال الدائم ، والحال له الوجود ، ومن هذه الحضرة الإلهية عنها تقع الإخبارات بالماضي والمستقبل ، والألف واللام في الحق للحق المعهود الذي بعث به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، أي بما شرعت لي وأرسلتني به ، فإن اللّه لا يعاملنا إلا بما شرع لنا لا بغير ذلك ، ألا تراه قد أمر نبيه صلّى اللّه عليه وسلم أن يسأله يوم القيامة أن يحكم بالحق الذي بعثه به بين عباده وبيده ، فقال تعالى آمرا «قل» يا محمد ، وهي قراءة «رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ» أي فليكن حكمك في الأمم يوم القيامة بما شرعت لهم وبعثتنا به إليهم .
فإن ذلك مما يراد ، فإنك ما أرسلتنا إلا بما تريد حتى يثبت صدقنا عندهم ، وتقوم الحجة عليهم إذا حكم الحق في كل أمة بما أرسل به نبيه إليهم ، وبهذا تكون للّه الحجة البالغة ، فما حكم إلا بما شرع وأمر عبده أن يسأله تعالى في ذلك حتى يكون حكمه فيه عن سؤال عبده ، كما كان حكم العبد بما قيده من الشرع عن أمر ربه ، وأكثر من هذا التنزل الإلهي إلى العباد ما يكون ، وهل يحكم اللّه إلا بالحق ، فجعل الحق نفسه في هذه الآية مأمورا لنبيه عليه السلام ، فإن لفظة احكم أمر ، وأمره سبحانه أن يقول له ذلك ، فإن اللّه ما يعامل العبد بأمر إلا قد عامل به نفسه ، فأوجب على نفسه كما أوجب عليك ، ودخل لك تحت العهد كما أدخلك تحت العهد ، فما أمرك بشيء إلّا وقد جعل على نفسه مثل ذلك ، هذا لتكون له الحجة البالغة ، ووفى بكل ما أوجبه على نفسه ، وطلب منك الوفاء بما أوجبه عليك ،
أليس هذا من لطفه ؟ أليس هذا من كرمه ؟
ألا تراه تعالى لما قال لنبيه داود «فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوىقال تعالى جبرا لقلب خلفائه «قل» يا محمد «رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ» فيحكم بنفسه تعالى بالحق الذي بعث به رسله ليصدقهم عند عبيده فعلا بحكمه ، كما صدقهم في حال احتجابه بما أيدهم به من الآيات ، ولما كان الأصل في الحكم المشروع غلبة الظنّ ،
فإن الحاكم لا يحكم إلا بشهادة الشاهد ، وهو ليس قاطعا فيما شهد به من ذلك ، فما اختلف العلماء في حكم الحاكم بين الخصمين بغلبة الظن ، واختلفوا في حكمه بعلمه ، فكانت غلبة الظن في هذا النوع أصلا متفقا عليه ويرجع إليه ،
وكان العلم في ذلك مختلفا فيه ، والحق تعالى وإن لم يكن عنده إلا العلم فإنه يحكم بالشهود ، ولذلك جاء «قل رب احكم بالحق» أي بما شرعت لي وأرسلتني به ، فمع علمه تعالى يقيم على خلقه يوم القيامة الشهود ، فلا يعاقبهم إلا بعد إقامة البينة عليهم مع علمه ، وبهذا قال من قال : إنه ليس للحاكم أن يحكم بعلمه ، أما في العالم فللتهمة بما له
من الغرض ، وأما في جانب الحق فلإقامة الحجة على المحكوم عليه ، حتى لا يأخذه في الآخرة إلا بما شرع له من الحكم في الدنيا على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلم ، ولهذا يقول الرسول لربه عن أمر ربه" رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ "
يعني بالحق الذي بعثتني به وشرعت لي أن أحكم به فيهم «وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ» لولا ما هو الرحمن ما اجترأ العبد أن يقول رب احكم بالحق ، فإنه تعالى ما يحكم إلا بالحق
- الوجه الثاني -جعل اللّه في الوجود كتابين ، كتابا سماه أمّا ، فيه ما كان قبل إيجاده وما يكون ، كتبه بحكم الاسم المقيت ، فهو كتاب ذو قدر معلوم فيه بعض أعيان الممكنات وما يتكون عنها ،
وكتابا آخر ليس فيه سوى ما يتكون عن المكلفين خاصة ، فلا تزال الكتابة فيه ما دام التكليف ، وبه تقوم الحجة للّه على المكلفين ، وبه يطالبهم لا بالأم ، وهذا هو الإمام الحق المبين الذي يحكم به الحق تعالى الذي أخبرنا اللّه في كتابه أنه أمر نبيه أن يقول لربه «احْكُمْ بِالْحَقِّ» ، يريد هذا الكتاب ،
وهو كتاب الإحصاء فلا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، وكل صغير وكبير مستطر ، وهو منصوص عليه في الأم .
(22) سورة الحج مدنيّة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
------------
(112) الفتوحات ج 2 / 52 ، 92 - ج 4 / 235 - ج 2 / 92 - ج 1 / 579">579 - ج 4 / 235 - ج 1 / 579">579 - ج 3 / 364 ، 76 ، 364 -ح 4 / 26 - ج 1 / 597 - ج 3 / 476 - ج 4 / 54 - ج 3 / 112تفسير ابن كثير:
وقوله تعالى : ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين ) قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا ) يعني : من عندنا ، يقول : وما خلقنا جنة ولا نارا ، ولا موتا ، ولا بعثا ، ولا حسابا .
وقال الحسن ، وقتادة ، وغيرهما : ( لو أردنا أن نتخذ لهوا ) اللهو : المرأة بلسان أهل اليمن .
وقال إبراهيم النخعي : ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه ) من الحور العين .
وقال عكرمة والسدي : المراد باللهو هاهنا : الولد .
وهذا والذي قبله متلازمان ، وهو كقوله تعالى : ( لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه ) [ الزمر : 4 ] ، فنزه نفسه عن اتخاذ الولد مطلقا ، لا سيما عما يقولون من الإفك والباطل ، من اتخاذ عيسى ، أو العزير أو الملائكة ، ( سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ) [ الإسراء : 43 ] .
وقوله : ( إن كنا فاعلين ) قال قتادة ، والسدي ، وإبراهيم النخعي ، ومغيرة بن مقسم ، أي : ما كنا فاعلين .
وقال مجاهد : كل شيء في القرآن " إن " فهو إنكار .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا ْ} على الفرض والتقدير المحال { لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا ْ} أي: من عندنا { إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ْ} ولم نطلعكم على ما فيه عبث ولهو، لأن ذلك نقص ومثل سوء، لا نحب أن نريه إياكم، فالسماوات والأرض اللذان بمرأى منكم على الدوام، لا يمكن أن يكون القصد منهما العبث واللهو، كل هذا تنزل مع العقول الصغيرة وإقناعها بجميع الوجوه المقنعة، فسبحان الحليم الرحيم، الحكيم في تنزيله الأشياء منازلها.
تفسير البغوي
( لو أردنا أن نتخذ لهوا ) اختلفوا في اللهو ، قال ابن عباس في رواية عطاء : اللهو المرأة ، وهو قول الحسن وقتادة ، وقال في رواية الكلبي : اللهو الولد ، وهو قول السدي ، وهو في المرأة أظهر لأن الوطء يسمى لهوا في اللغة ، والمرأة محل الوطء ( لاتخذناه من لدنا ) أي : من عندنا من الحور العين لا من عندكم من أهل الأرض . وقيل : معناه لو كان جائزا ذلك في صفته لم يتخذه بحيث يظهر لهم ويستر ذلك حتى لا يطلعوا عليه .
وتأويل الآية أن النصارى لما قالوا في المسيح وأمه ما قالوا رد الله عليهم بهذا وقال : ( لاتخذناه من لدنا ) لأنكم تعلمون أن ولد الرجل وزوجته يكونان عنده ، لا عند غيره ( إن كنا فاعلين ) قال قتادة ومقاتل وابن جريج : ( إن ) للنفي ، أي : ما كنا فاعلين . وقيل : ( إن كنا فاعلين ) للشرط أي : إن كنا ممن يفعل ذلك لاتخذناه من لدنا ، ولكنا لم نفعله لأنه لا يليق بالربوبية .
الإعراب:
(لَوْ) شرطية غير جازمة (أَرَدْنا) ماض وفاعل (أَنْ) ناصبة (نَتَّخِذَ) مضارع منصوب والفاعل مستتر تقديره نحن (لَهْواً) مفعول به والجملة مفعول أردنا (لَاتَّخَذْناهُ) اللام واقعة في جواب لو (اتخذناه) ماض وفاعل ومفعول به أول ية