من أسعفه في سؤاله مع ما يعود عليه في ذلك من الخير أدناه وجوب الشفاعة له يوم القيامة إن اضطر إليها و إذا رأيت من يتعمل في تحصيل خير فأعنه على ذلك بما استطعت و لا تمنع رفدك ممن استرفدك و إياك أن تجلد عبدك فوق جنايته و إن عفوت فهو أحوط لك فإنك عبد اللّٰه و لك إساءة تطلب من اللّٰه العفو عنك لها فاعف عن عبدك و لا تأكل وحدك ما استطعت و لو لقمة تجعلها في فم خادمك من الطعام الذي بين يديك إذا لم يجبك إلى الأكل معك و استغن بالله صدقا من حالك فإن اللّٰه لا بد أن يغنيك فإن استغناك بالله من القرب إلى اللّٰه و قد ثبت أنه «من تقرب إلى اللّٰه شبرا تقرب اللّٰه منه ذراعا الحديث» و كذلك من يستعف بالله روى أن بعض الصالحين لم يكن له شيء من الدنيا فتزوج فجاءه ولد و ما أصبح عنده شيء فأخذ الولد و خرج ينادي به هذا جزاء من عصى اللّٰه فقيل له زنيت فقال لا و إنما سمعت اللّٰه يقول في كتابه العزيز ﴿وَ لْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاٰ يَجِدُونَ نِكٰاحاً حَتّٰى يُغْنِيَهُمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور:33] فعصيت أمر اللّٰه و تزوجت و أنا لا أجد نكاحا فافتضحت فرجع إلى منزله بخير كثير و إن قدرت على العتق فأعتق رقبة و إن لم تجد مالا و يكون لك علم فاهديه رجلا منافقا أو كافرا أورد به مسلما عن كبيرة فإنك تعتقه بذلك من النار و هو أفضل من عتق رقبة و من ملك أحد في الدنيا و فكاك العاني أولى من عتق العبد فإنه عتق و زيادة و اعلم أن الفقير الذي لا يقدر على إحياء أرض ميتة فليحي أرض بدنه بما يعمل فيها من الطاعة لله تعالى و ليحى مواضع الغفلة بذكر اللّٰه فيها و ليحى العمل بالإخلاص فيه «و إن أردت أن لا يضرك في يومك سحر و لا سم فلتصبح بسبع تمرات من العجوة أو تسحر بها إن أصبحت صائما فإنه كذا ثبت عن رسول اللّٰه ص» و عليك بخدمة الفقراء إلى اللّٰه و مجالسة المساكين و الدعاء للمسلمين بظهر الغيب عموما و خصوصا و صحبة الصالحين و التحبب إليهم و انو في جميع حركاتك خيرا مشروعا فإنك لما نويت و إذا رأيت من أعطاه اللّٰه مالا و فعل فيه خيرا و حرمك اللّٰه ذلك المال فلا تحرم نفسك أن تتمنى أن تكون مثله فإن اللّٰه يأجرك مثل أجره و زيادة و إذا جلست مجلسا فاذكر اللّٰه فيه و لا بد و إياك أن تحرم الرفق فإنك إن حرمت الرفق فقد حرمت الخير كله و أجر من استجار بك إلا في حد من حدود اللّٰه فإن كان في حد من حدود الخلق فأصلح في ذلك ما استطعت بينه و بين صاحب الحق و لا تسلمه و لو مضى فيه جميع مالك و إذا رأيت من يستعيذ بالله فأعذه «فإن النبي ﷺ تزوج امرأة فلما دخل عليها استعاذت بالله منه لشقاوتها فقال عذت بعظيم الحقي بأهلك فطلقها و لم يقربها و أعاذها» و إذا سألك أحد بالله و أنت قادر على مسألته فأعطه و إن لم تقدر على مسألته فادع له فإنك إذا دعوت له مع عدم القدرة فقد أعطيته ما بلغت إليه يدك من مسألته فإن اللّٰه لا يكلف نفسا ﴿إِلاّٰ مٰا آتٰاهٰا﴾ [الطلاق:7] و إذا أسدى إليك أحد معروفا فلتكافئه على معروفه و لو بالدعاء إذا عجزت عن مكافاته بمثل ما جاءك به و إذا أسديت أنت إلى أحد معروفا فأسقط عنه المكافاة و لتعلمه بذلك و لتظهر له الكراهة إن كافاك حتى تريح خاطره و لا سيما إن كان من أهل اللّٰه فإن جاءك بمكافاة على ذلك و تعلم منه أنه يعز عليه عدم قبولك لذلك فاقبله منه و إن علمت منه أنه يفرح بردك عليه بعد أن وفى هو ما وجب عليه من المكافاة فرد عليه بسياسة و حسن تلطف و اجعل لك الحاجة عنده في قبول ما رددت عليه من ذلك حتى يتحقق أنه قد قضى لك حاجة في قبول ما رددت عليه من المكافاة و إياك أن تدعى ما ليس لك فإن ذلك ليس من المروءة مع ما فيه من الوزر عند اللّٰه و إن رميت بشيء مذموم فلا تنتصر لنفسك و اسكت و لا تتعرض لمن رماك بأنه يكذب و لا تقر على نفسك بما لم تفعل مما نسب إليك هكذا فعل ذو النون مع المتوكل حين سأله عما يقول الناس فيه من رميه بالزندقة فقال يا أمير المؤمنين إن قلت لا أكذبت الناس و إن قلت نعم كذبت على نفسي فاستحسن ذلك منه أمير المؤمنين و ما قبل فيه قول قائل و رده مكرما إلى مصر و اعتذر له و حكايته في ذلك مشهورة ذكرها الناس و قد ثبتت الأخبار الصحيحة في إثم من ادعى ما ليس له أو اقتطع ما لا يجب له من حق الغير و احذر في يمينك إن تحلف بملة غير ملة الإسلام أو بالبراءة من الإسلام فإنك إن كنت صادقا فلن ترجع إلى الإسلام سالما و لتجدد إسلاما إذا فعلت مثل ذلك و مع هذا فلا تحلف إلا بالله فإنك إن حلفت بغير اللّٰه كنت عاصيا للنهي الوارد في ذلك و إن حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك و لتأت الذي هو خير و إياك و الكذب في الرؤيا