الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() فهدى أحمد عين الدين أجمعه *** و ملة المصطفى من أنور الملل لم تطمس العين بل أعطته قوتها *** حتى يقيم الذي فيه من الميل و خذ بسرك عنه من مراكزه *** علوا إلى القمر العالي إلى زحل إلى الثوابت لا تنزل بساحتها *** و انهض إلى الدرج العالي من الحمل و منه للقدم الكرسي ثم إلى *** العرش المحيط إلى الأشكال و المثل إلى الطبيعة للنفس النزيهة للعقل *** المقيد بالأعراض و العلل إلى العماء الذي ما فوقه نفس *** منه إلى المنزل المنعوت بالأزل و انظر إلى الجبل الراسي على الجبل *** و قد رآه فلم يبرح و لم يزل لو لا العلو الذي في السفل ما سفلت *** وجوهنا تطلب المري بالمقل لذلكم شرع اللّٰه السجود لنا *** فنشهد الحق في علو و في سفل هذي وصيتنا إن كنت ذا نظر *** فإنها حيلة من أحسن الحيل ترى بها كل معلوم بصورته *** على حقيقة ما هو لا على البدل حتى ترى المنظر الأعلى و ليس له *** سواك مجلى فلا تبرح و لا تزل فإن دعاك إلى عين شربها *** فلا تجبه و كن منه على وجل إنا إناث لما فينا يولده *** فلنحمد اللّٰه ما في الكون من رجل إن الرجال الذين العرف عينهم *** هم الإناث و هم نفسي و هم أملي فمن ذلك وصية قال اللّٰه تعالى في الوصية العامة﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مٰا وَصّٰى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ وَ مٰا وَصَّيْنٰا بِهِ إِبْرٰاهِيمَ وَ مُوسىٰ وَ عِيسىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَ لاٰ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى:13] فأمر الحق بإقامة الدين و هو شرع الوقت في كل زمان و ملة و أن يجتمع عليه و لا يتفرق فيه «فإن يد اللّٰه مع الجماعة و إنما يأكل الذئب القاصية» و هي البعيدة التي شردت و انفردت عما هي الجماعة عليه و حكمة ذلك أن اللّٰه لا يعقل إلها إلا من حيث أسماؤه الحسنى لا من حيث هو معرى عن هذه الأسماء الحسنى فلا بد من توحيد عينه و كثرة أسمائه و بالمجموع هو الإله فيد اللّٰه و هي القوة مع الجماعة أوصى حكيم أولاده عند موته و كانوا جماعة فقال لهم ائتوني بعصي فجمعها و قال لهم اكسروها و هي مجموعة فلم يقدروا على ذلك ثم فرقا فقال لهم خذوا واحدة واحدة فاكسروها فكسروها فقال لهم هكذا أنتم بعدي لن تغلبوا ما اجتمعتم فإذا تفرقتم تمكن منكم عدوكم فأبادكم و كذلك القائمون بالدين إذا اجتمعوا على إقامة الدين و لم يتفرقوا فيه لم يقهرهم عدو و كذلك الإنسان في نفسه إذا اجتمع في نفسه على إقامة دين اللّٰه لم يغلبه شيطان من الإنس و لا من الجن بما يوسوس به إليه مع مساعدة الايمان و الملك بلمته له وصية إذا عصيت اللّٰه تعالى بموضع فلا تبرح من ذلك الموضع حتى تعمل فيه طاعة و تقيم فيه عبادة فكما يشهد عليك إن استشهد يشهد لك و حينئذ تنتزح عنه و كذلك ثوبك إن عصيت اللّٰه فيه فكن كما ذكرته لك اعبد اللّٰه فيه و كذلك ما يفارقك منك من قص شارب و حلق عانة و قص أظفار و تسريح شعر و تنقية وسخ لا يفارقك شيء من ذلك من بدنك إلا و أنت على طهارة و ذكر اللّٰه عزَّ وجلَّ فإنه يسأل عنك كيف تركك و أقل عبادة تقدر عليها عند هذا كله إن تدعو اللّٰه في أن يتوب عليك عن أمره تعالى حتى تكون مؤديا واجبا في امتثالك أمر اللّٰه و هو قوله ﴿وَ قٰالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر:60] فأمرك أن تدعوه ثم قال في هذه الآية ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبٰادَتِي﴾ [غافر:60] يعني هنا بالعبادة الدعاء أي من يستكبر عن الذلة إلي و المسكنة فإن الدعاء سماه عبادة و العبادة ذلة و خضوع و مسكنة ﴿سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دٰاخِرِينَ﴾ [غافر:60] أي أذلاء فإذا فعلوا ما أمروا به جازاهم اللّٰه بدخول الجنة أعزاء و لقد دخلت يوما الحمام لغسل طرا علي سحرا فلقيت فيه نجم الدين أبا المعالي ابن اللهيب و كان صاحبي |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |