Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة غافر: [الآية 60]

سورة غافر
وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدْعُونِىٓ أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴿60﴾

تفسير الجلالين:

«وقال ربكم ادعوني أستجب لكم» أي اعبدوني أثبكم بقرينة ما بعده «إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون» بفتح الياء وضم الخاء وبالعكس «جهنم داخرين» صاغرين.

تفسير الشيخ محي الدين:

هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)


لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72)

ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ (74) ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (77)

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ (79)

وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ (81) فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (82)

فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ


مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ (85)

[ «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا . . .» الآية :]

إن الإنسان ولد على الفطرة ، وهو العلم بوجود الرب أنه ربنا ونحن عبيد له ، والإنسان لا يقبض حين يقبض إلا بعد كشف الغطاء ، فلا يقبض إلا مؤمنا ، ولا يحشر إلا مؤمنا ، فلا يموت أحد من أهل التكليف إلا مؤمنا عن علم وعيان محقق ، لا مرية فيه ولا شك ، من العلم باللّه والإيمان به خاصة ، هذا هو الذي يعمّ ، غير أن اللّه تعالى لما قال : «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» ولا بأس أشد من الموت ، فما بقي إلا هل ينفعه ذلك الإيمان أم لا ؟ فما آمنوا إلا ليندفع عنهم ذلك البأس ، فما اندفع عنهم ، وأخذهم اللّه بذلك البأس ، فما رفع العقوبة عنهم إلا من اختصه اللّه ، وما ذكر أنه لا ينفعهم في الآخرة ،

ويؤيد ذلك قوله تعالى : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا)

حين رأوا البأس (كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)

فهذا معنى قولنا «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ» في رفع البأس عنهم في الحياة الدنيا كما نفع قوم يونس ، فما تعرض إلى الآخرة ،

أما الاستثناء هنا فلا حكم على اللّه في خلقه ، وأما نفع ذلك الإيمان في المآل فإن ربك فعال لما يريد ، ومع هذا فإن اللّه يقيم حدوده على عباده حيث شاء ، ومتى شاء ، فقوله تعالى : «سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ» هو موضع استشهادنا ، فحقت كلمة اللّه وجرت سنته في عباده ، أن الإيمان في ذلك الوقت لا يدفع عن المؤمن العذاب الذي أنزله بهم في ذلك الوقت ، إلا قوم يونس ، كما لا ينفع السارق توبته عند الحاكم فيرفع عنه حد القطع ، ولا الزاني مع توبته عند الحاكم ، مع علمنا بأنه تاب بقبول التوبة عند اللّه ، وحديث ماعز في ذلك صحيح أنه تاب توبة لو قسمت على أهل المدينة لوسعتهم ؛ ومع هذا لم يدفع عنه الحد ، بل أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم برجمه ، كذلك كل من آمن باللّه عند رؤية البأس من الكفار ، إن الإيمان لا يرفع البأس عنهم مع قبول اللّه إيمانهم في الدار الآخرة ، فيلقونه ولا ذنب لهم ، فإنهم ربما لو عاشوا بعد ذلك اكتسبوا أوزارا ، فالرجعة إلى اللّه عند رؤية البأس وحلول العذاب نافعة في الآخرة


وإن لم يكشف عنهم العذاب في الدنيا ، وما اختص قوم يونس إلا بالكشف عنهم في الحياة الدنيا عند رجعتهم ، فيكون معنى قوله «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» يعني في الدنيا ، فإن اللّه يقول : (وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) فقول اللّه تعالى في هذه الآية كلام محقق في غاية الوضوح ، فإن النافع هو اللّه ، فما نفعهم إلا اللّه «سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ» يعني الإيمان عند رؤية البأس غير المعتاد ، وليس في الآية أن بأس الآخرة لا يرتفع ، ولا أن الإيمان لا يقبل ، وإنما في الآية أن بأس الدنيا لا يرتفع عمن نزل به إذا آمن في حال رؤيته ، إلا قوم يونس : «وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ» فثبت انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم ، ومن عذاب إلى عذاب ، ومن عذاب إلى نعيم من غير مدة معلومة لنا ، فإن اللّه ما عرفنا ،

إلا أنا استروحنا من قوله تعالى : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) أن هذا القدر مدة إقامة الحدود .

(41) سورة فصّلت مكيّة

------------

(85) الفتوحات ج 3 / 383 ، 318 ، 383 ، 318 ، 533 ، 165 - ج 2 / 276 - ج 3 / 383

تفسير ابن كثير:

ورواه ابن حبان والحاكم في صحيحيهما ، وقال الحاكم : صحيح الإسناد .

وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثني أبو مليح المدني - شيخ من أهل المدينة - سمعه عن أبي صالح ، وقال مرة : سمعت أبا صالح يحدث عن أبي هريرة [ رضي الله عنه ] قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من لم يدع الله ، عز وجل ، غضب عليه " .

تفرد به أحمد ، وهذا إسناد لا بأس به .

وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا مروان الفزاري ، حدثنا صبيح أبو المليح : سمعت أبا صالح يحدث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من لا يسأله يغضب عليه " .

قال ابن معين : أبو المليح هذا اسمه : صبيح . كذا قيده بالضم عبد الغني بن سعيد . وأما أبو صالح هذا فهو الخوزي ، سكن شعب الخوز . قاله البزار في مسنده . وكذا وقع في روايته أبو المليح الفارسي ، عن أبي صالح الخوزي ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من لا يسأل الله يغضب عليه " .

وقال الحافظ أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي : حدثنا همام ، حدثنا إبراهيم بن الحسن ، حدثنا نائل بن نجيح ، حدثني عائذ بن حبيب ، عن محمد بن سعيد قال : لما مات محمد بن مسلمة الأنصاري ، وجدنا في ذؤابة سيفه كتابا : " بسم الله الرحمن الرحيم ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن لربكم في بقية دهركم نفحات ، فتعرضوا له ، لعل دعوة أن توافق رحمة فيسعد بها صاحبها سعادة لا يخسر بعدها أبدا " .

وقوله : ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي ) أي : عن دعائي وتوحيدي ، ( سيدخلون جهنم داخرين ) أي : صاغرين حقيرين ، كما قال الإمام أحمد :

حدثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن عجلان ، حدثني عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر ، في صور الناس ، يعلوهم كل شيء من الصغار حتى يدخلوا سجنا في جهنم - يقال له : بولس - تعلوهم نار الأنيار ، يسقون من طينة الخبال عصارة أهل النار " .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا أبو بكر بن محمد بن يزيد بن خنيس : سمعت أبي يحدث عن وهيب بن الورد : حدثني رجل قال : كنت أسير ذات يوم في أرض الروم ، فسمعت هاتفا من فوق رأس جبل وهو يقول : يا رب ، عجبت لمن عرفك كيف يرجو أحدا غيرك ! يا رب ، عجبت لمن عرفك كيف يطلب حوائجه إلى أحد غيرك - قال : ثم ذهبت ، ثم جاءت الطامة الكبرى - قال : ثم عاد الثانية فقال : يا رب ، عجبت لمن عرفك كيف يتعرض لشيء من سخطك يرضي غيرك . قال وهيب : وهذه الطامة الكبرى . قال : فناديته : أجني أنت أم إنسي ؟ قال : بل إنسي ، اشغل نفسك بما يعنيك عما لا يعنيك .


تفسير الطبري :

قوله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} روى النعمان بن بشير قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (الدعاء هو العبادة) ثم قرأ {وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح. فدل هذا على أن الدعاء هو العبادة. وكذا قال أكثر المفسرين وأن المعنى : وحدوني واعبدوني أتقبل عبادتكم وأغفر لكم. وقيل : هو الذكر والدعاء والسؤال. قال أنس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع) ويقال الدعاء : هو ترك الذنوب. وحكى قتادة أن كعب الأحبار قال : أعطيت هذه الأمة ثلاثا لم تعطهن أمة قبلهم إلا نبي : كان إذا أرسل نبي قيل له أنت شاهد على أمتك، وقال تعالى لهذه الأمة: {لتكونوا شهداء على الناس}[البقرة : 143] وكان يقال للنبي : ليس عليك في الدين من حرج، وقال لهذه الأمة {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج : 78] وكان يقال للنبي ادعني استجب لك، وقال لهذه الأمة {ادعوني استجب لكم}. قلت : مثل هذا لا يقال من جهة الرأي. وقد جاء مرفوعا؛ رواه ليث عن شهر بن حوشب عن عبادة بن الصامت، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (أعطيت أمتي ثلاثا لم تعط إلا للأنبياء كان الله تعالى إذا بعث النبي قال ادعني استجب لك وقال لهذه الأمة {ادعوني استجب لكم} وكان الله إذا بعث النبي قال : ما جعل عليك في الدين من حرج وقال لهذه الأمة: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج : 78] وكان الله إذا بعث النبي جعله شهيدا على قومه وجعل هذه الأمة شهداء على الناس) ""ذكره الترمذي الحكيم في نوادر الأصول"". وكان خالد الربعي يقول : عجيب لهذه الأمة قيل لها: {ادعوني استجب لكم} أمرهم بالدعاء ووعدهم الاستجابة وليس بينهما شرط. قال له قائل : مثل ماذا؟ قال : مثل قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات} [البقرة : 25] فها هنا شرط، وقوله: {وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق}[يونس : 2]، فليس فيه شرط العمل؛ ومثل قوله: {فادعوا الله مخلصين له الدين} [غافر : 14] فها هنا شرط، وقوله تعالى: {ادعوني استجب لكم} ليس فيه شرط. وكانت الأمة تفزع إلى أنبيائها في حوائجها حتى تسأل الأنبياء لهم ذلك. وقد قيل : إن هذا من باب المطلق والمقيد على ما تقدم في {البقرة} بيانه. أي {استجب لكم} إن شئت؛ كقوله:{فيكشف ما تدعون إليه إن شاء} [الأنعام : 41]. وقد تكون الاستجابة في غير عين المطلوب على حديث أبي سعيد الخدري على ما تقدم في {البقرة} بيانه فتأمله هناك. وقرأ ابن كثير وابن محيصن ورويس عن يعقوب وعياش عن أبي عمرو وأبو بكر والمفضل عن عاصم {سيدخلون} بضم الياء وفتح الخاء على ما لم يسم فاعله. الباقون {يدخلون} بفتح الياء وضم الخاء. ومعنى {داخرين} صاغرين أذلاء وقد تقدم. قوله تعالى: {الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه} {جعل} هنا بمعنى خلق؛ والعرب تفرق بين جعل إذا كانت بمعنى خلق وبين جعل إذ لم تكن بمعنى خلق؛ فإذا كانت بمعنى خلق فلا تعديها إلا إلى مفعول واحد، وإذا لم تكن بمعنى خلق عدتها إلى مفعولين؛ نحو قوله : {إنا جعلناه قرآنا عربيا} وقد مضى هذا المعنى في موضع. {والنهار مبصرا} أي مضيئا لتبصروا فيه حوائجكم وتتصرفوا في طلب معايشكم. {إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون} فضله وإنعامه عليهم. قوله تعالى: {ذلكم الله ربكم خالق كل شيء} بين الدلالة على وحدانيته وقدرته. {لا إله إلا هو فأنى تؤفكون} أي كيف تنقلبون وتنصرفون عن الإيمان بعد أن تبينت لكم دلائله كذلك؛ أي كما صرفتم عن الحق مع قيام الدليل عليه فـ {كذلك يؤفك} يصرف عن الحق الذين كانوا بآيات الله يجحدون. قوله تعالى: {الله الذي جعل لكم الأرض قرارا} زاد في تأكيد التعريف والدليل؛ أي جعل لكم الأرض مستقرا لكم في حياتكم وبعد الموت. {والسماء بناء} تقدم. {وصوركم فأحسن صوركم} أي خلقكم في أحسن صورة. وقرأ أبو رزين والأشهب العقيلي {صوركم}بكسر الصاد؛ قال الجوهري : والصور بكسر الصاد لغة في الصور جمع صورة، وينشد هذا البيت على هذه اللغة يصف الجواري قائلا : أشبهن من بقر الخلصاء أعينها ** وهن أحسن من صيرانها صورا والصيران جمع صوار وهو القطيع من البقر والصوار أيضا وعاء المسك وقد جمعهما الشاعر : إذا لاح الصوار ذكرت ليلى ** وأذكرها إذا نفخ الصوار والصيار لغة فيه. {ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين} وقد مضى. {هو الحي} أي الباقي الذي لا يموت {لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين} أي مخلصين له الطاعة والعبادة. {الحمد لله رب العالمين} قال الفراء : هو خبر وفيه إضمار أمر أي ادعوه واحمدوه. وقد مضى هدا كله مستوفى في {البقرة} وغيرها. وقال ابن عباس : من قال: {لا إله إلا الله} فليقل: {الحمد لله رب العالمين}.

التفسير الميسّر:

وقال ربكم- أيها العباد-: ادعوني وحدي وخصُّوني بالعبادة أستجب لكم، إن الذين يتكبرون عن إفرادي بالعبودية والألوهية، سيدخلون جهنم صاغرين حقيرين.

تفسير السعدي

هذا من لطفه بعباده، ونعمته العظيمة، حيث دعاهم إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، وأمرهم بدعائه، دعاء العبادة، ودعاء المسألة، ووعدهم أن يستجيب لهم، وتوعد من استكبر عنها فقال: { إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } أي: ذليلين حقيرين، يجتمع عليهم العذاب والإهانة، جزاء على استكبارهم.


تفسير البغوي

( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) أي : اعبدوني دون غيري أجبكم وأثبكم وأغفر لكم ، فلما عبر عن العبادة بالدعاء جعل الإنابة استجابة .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور محمد بن سمعان ، حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان عن منصور عن أبي ذر عن يسيع الكندي عن النعمان بن بشير قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر : " إن الدعاء هو العبادة " ثم قرأ : " ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين " .

أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن علي الدورقي ، حدثنا أبو الحسن علي بن يوسف الشيرازي ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى القرشي ببغداد ، حدثنا محمد بن عبيد بن العلاء ، حدثنا أحمد بن بديل ، حدثنا وكيع ، حدثنا أبو المليح قال : سمعت أبا صالح يذكر عن أبي هريرة قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من لم يدع الله غضب الله عليه " .

وقيل : الدعاء هو الذكر والسؤال ، ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) قرأ ابن كثير وأبو جعفر وأبو بكر : " سيدخلون " بضم الياء وفتح الخاء ، وقرأ الآخرون بفتح الياء وضم الخاء ، " داخرين " صاغرين ذليلين .


الإعراب:

(وَقالَ) الواو حرف استئناف وماض (رَبُّكُمُ) فاعل والجملة مستأنفة (ادْعُونِي) أمر مبني على حذف النون والواو فاعله والنون للوقاية والياء مفعوله والجملة مقول القول (أَسْتَجِبْ) مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب فاعله مستتر (لَكُمْ) متعلقان بالفعل (إِنَّ الَّذِينَ) إن واسمها (يَسْتَكْبِرُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة صلة (عَنْ عِبادَتِي) متعلقان بالفعل (سَيَدْخُلُونَ) السين للاستقبال ويدخلون مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة خبر إن والجملة الاسمية تعليل (جَهَنَّمَ) مفعول به (داخِرِينَ) حال

---

Traslation and Transliteration:

Waqala rabbukumu odAAoonee astajib lakum inna allatheena yastakbiroona AAan AAibadatee sayadkhuloona jahannama dakhireena

بيانات السورة

اسم السورة سورة غافر (Ghfir - The Forgiver)
ترتيبها 40
عدد آياتها 85
عدد كلماتها 1228
عدد حروفها 4984
معنى اسمها (الغَافِرُ): مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى؛ وَهُوَ الَّذِي يَسْتُرُ المُذْنِبَ وَلا يُؤَاخِذُهُ بِهِ فَيُشْهِرُهُ وَيَفْضَحُهُ، وَمِثْلُهُ: (الغَفَّارُ وَالغَفُورُ)
سبب تسميتها انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ اسْمِ اللهِ (الغَافِرِ) الَّذِي ذُكِرَ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْقُرْآن، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (غَافِرِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (المُؤْمِن)، وَسُورَةَ (الطَّوْلِ)
مقاصدها عَرْضُ حُجَجِ الكَافِرِينَ وَجِدَالِهِمْ، وَبَيَانُ عَاقِبَتِهِمْ، وَمَا أَعَدَّ اللهُ لِعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا
فضلها هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْرِئَهُ القُرْآنَ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (غَافِرٍ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ مَغْفِرَةِ اللهِ لِمَنْ صَدَقَ فِي إِيمَانِهِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿غَافِرِ ٱلذَّنۢبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوۡبِ ...٣﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ ...٨٥﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (غَافِرٍ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الزُّمَرَ): خُتِمَتِ (الزُّمَرُ) بِذِكْرِ المَلائِكَةِ؛ فَقَالَ: ﴿وَتَرَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ ...٧٥﴾، وَجَاءَ ذِكْرُهُمْ ِفي أَوَائِلِ (غَافِرٍ)؛ فَقَالَ: ﴿ٱلَّذِينَ يَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ ...٧﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!