الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() به من استعمال الأدوية المؤلمة يقال له و كذلك ما قصدنا بالجزاء المؤلم إلا نفعك بما لك من الأجر في ذلك فالأمور عند اللّٰه محكمه الست قد ألمته فخذ جزاء ما فعلته و القصد القصد فلا سبيل إلى الرد لما نبهت الشريعة باختصام الملإ الأعلى علمنا أنه من عالم الطبيعة فإن أردت أن ترفعه عنها و تنزله منزلتها منها فقل لاختلاف الأسماء و هذا أوضح ما يكون من الإيماء [تتابع الرسل و أنشأ المثل]و من ذلك تتابع الرسل و أنشأ المثل من الباب 315 الآجال المحدودة جعلت الرسل تترى بالتكاليف و البشرى فلو لا انتهاء الأجل لاكتفي بواحد في الشاهد و ما اختلفت السبل من الرسل إلا لاختلاف الدول و لهذا ظهر في الوجود النحل و الملل فمنها ما هي عن روح ملكي و منها ما هي عن دور فلكي حكم به الطالع فظهر به المبتدع الشارع و لا يقصد المصالح إلا ذو عقل راجح فاعتبرها الحق فأكرم من رعاها و ألحقها بالشريعة التي استرعاها فساوتها في الجزاء لمن قام بها دلالة على مساواتها في مذهبها «فقال ﷺ من سن سنة حسنة كان له أجرها و أجر من عمل بها» فلما سنت الرسل أن تسن فما سن إلا مؤتمن فما نسخ الشرع إلا الشرع فاسمع [إهمال الإنسان دون الحيوان]و من ذلك إهمال الإنسان دون الحيوان من الباب 316 ما أهمل من أهمل من الأناسي إلا لجهله بمنزلته و تصرفه في غير مرتبته فلو أعطى نفسه حقها كما أعطاها ربها خلقها لكان إمام العالمين و لذلك لما قال ﴿وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ [البقرة:124] قال له ﴿لاٰ يَنٰالُ عَهْدِي الظّٰالِمِينَ﴾ [البقرة:124] فالمعاني إذا كانت متهمة كالطرق المظلمة لا يعرف الماشي فيها في أي مهواة يهوى و مع هذا يسير و لا يلوي فإذا سقط عند ذلك يعلم أنه فرط و السيد الإمام العارف العلام يقول الإمام الإمام و في يده سراجه و في رأسه تاجه يشهد له الحق بالخلافة و الأمن من كل عاهة و آفة و اللّٰه المعافي و هو الشافي [اطلاع الرسول على ما أتى به جبريل]و من ذلك اطلاع الرسول على ما أتى به جبريل من الباب 317 الاطلاع على الغيوب من شأن أصحاب الأحوال و القلوب و أما صاحب اللب و المقام فهو الأمر الذي لا يرام و الشخص الذي لا يضام فله الثبوت فلا يتحول و الصور التي لا تتبدل فصاحب المقام أديب بأدب ربه متفرج في تنوعات خواطره في قلبه فإن ضاق محله عن حمله و أرادت النفس أن تعرف أنها من أهله و هي الشديدة المحال ظهرت في صورة الحال و قد يكون ذلك عن أمر إلهي لسر كياني يريد الحق أمضاه في وجوده ليتحقق بعض رجال اللّٰه بشهوده و أعظم تحف الملك الاطلاع على ما يأتي به الملك هكذا هو عند الجماعة و بضاعتنا غير هذه البضاعة و الكشف الأتم ما يشهده من وراء هذا الجسم المظلم فإن الملك يكون صورته رسالته ما لم يتجسد فإن تجسد انبهم الأمر على من يشهد [من هاله الحصول في الهالة]و من ذلك من هاله الحصول في الهالة من الباب 318 في الهالة حصر النيرين لذي عينين و عنهما حدثت و بأشعتهما وجدت فما حصرهما غيرهما كدودة القز و صاحب دولة العز هو من عزه في حمى فاستوى في إدراكه البصير و الأعمى لأنه لا يتجلى فيرى و لو تجلى لمنع من الوصول إليه المقام الأحمى ﴿اَللّٰهُ نُورُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ﴾ [النور:35] فعمرت الأشعة الرفع و الخفض فحدثت الهالة في انتهاء الخلأ و في داخل الهالة كان وجود الملإ فهو من حيث الهالة المحيط و هو معنا أينما كنا : في مركب و بسيط فما خرجنا عنه و كل ما في السموات و ما في الأرض خلقه جميعا منه فانظر ما أحكم هذه الأمور و رد الإعجاز على الصدور و اتل قوله تعالى ﴿أَلاٰ إِلَى اللّٰهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ﴾ [الشورى:53] [من بلي بالأشد في تحرى الأسد]و من ذلك من بلي بالأشد في تحرى الأسد من الباب 319 أصدق القول ما جاء في الكتب المنزلة و الصحف المطهرة المرسلة و مع تنزيهها الذي لا يبلغه تنزيه نزلت إلى التشبيه الذي لا يماثله تشبيه فنزلت آياته بلسان رسوله و بلغ رسوله بلسان قومه و ما ذكر صورة ما جاء به الملك و هل هو أمر ثالث ليس مثلهما أو هو مشترك و على كل حال فالمسألة فيها إشكال لأن العبارات لحننا و الكلام لله ليس لنا فما هو المنزل و المعاني لا تنزل إن كانت العبارات فما هو القول الإلهي و إن كان القول فما هو اللفظ الكياني و هو اللفظ بلا ريب فأين الشهادة و الغيب إن كان دليلا فكيف هو ﴿أَقْوَمُ قِيلاً﴾ [المزمل:6] و ما ثم قيل إلا هذا القيل و هو معلوم عند علماء الرسوم فتحقق و لا تنطق [العصمة في الإلقاء باللقاء]و من ذلك العصمة في الإلقاء باللقاء من الباب 320 هو الحافظ بالحرس فهو الملحوظ في العسس لأن الحليم الأواه لا يعلم حافظا سواه لكن يعطيه الأدب أن لا يظهر من النسب سوى نسب التقوى و فيه رائحة الحراسة و الحفظ الأقوى فقد صرح و إن لم يتكلم و قد أبهم فيما أعلم |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |