الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
فكل موجود محصي و هو موجود فهو محصي أن لله تسعة و تسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة لأنها داخلة في الوجود لدلالتها على موجود و هي أمهات كالدرج للفلك ثم إنه لكل عين من أعيان الممكنات اسم إلهي خاص ينظر إليه هو يعطيه وجهه الخاص الذي يمتاز به عن غيره و الممكنات غير متناهية فالأسماء غير متناهية لأنها تحدث النسب بحدوث الممكن فهي هذه الأسماء من الأسماء المحصاة كالذي يحوي عليه درج الفلك من الدقائق و الثواني و الثوالث إلى ما لا يتناهى فلا يدخل ذلك الإحصاء و تحكم عليه الإحاطة بأنه لا يدخله الإحصاء فكل محصي محاط به و ما كل محاط به محصي و كل ما يدخله الأجل يدخله الإحصاء مثل قوله ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلاٰنِ﴾ فالشغل الإلهي لا ينتهي فإنه عند فراغه بانتهاء حكم الدنيا شرع في الشغل ينافي الآخرة و حكم الآخرة لا نهاية له لأنها إلى غير أجل فشغله بنا لا يقبل الفراغ و إن كان شأنه في الدنيا الذي يفرغ منه إنما هو بنا لكونه خلق الأشياء من أجلنا و هو ما لا بد لنا منه و من أجله لأن كل شيء يسبح بحمده : لا بل من أجله لا بل من أجلنا لما نحن عليه من الجمعية و الصورة فالتسبيحة منا تسبيح العالم كله فما أوجد الأشياء إلا من أجلنا فبنا وقع الاكتفاء و الواحد منا يكفي في ذلك و إنما كثرت أشخاص هذا النوع الإنساني و إن كانت محصاة فإنها متناهية لكون الأسماء الإلهية كثيرة فكانت الكثرة فينا لكثرتها «فإن النبي ﷺ يقول في دعائه اللهم إني أسألك بكل اسم سميت به نفسك» الحديث فكانت الكثرة فينا لكثرتها و هو قوله مما يزيد على ما ذكر في سؤاله ﷺ فكثرت لكثرة الأسماء أشخاص هذا النوع المقصود فإن الأشياء المخلوقة من أجله إن لم يستعملها فيما خلقت له و إلا تبقي مهملة و ما في قوة واحد من هذا النوع استعمال الكل فكثر أشخاصه ليعم الاستعمال للأشياء التي خلقها له و لا بد من خلقها فالممكن لا ينتفع إلا بالممكن و الحق واسطة بين الممكنين فما لنا شغل إلا به *** و ما له شأن إلا بنا فكلما قلناه فهو له *** و كل ما يقضى فهو لنا و قد نبهنا على ما لا بد منه مما يختص بهذه الحضرة ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] المبدئ«حضرة البدء»لما بدأت بأمر لست أبدية *** علمت أني عين البدء من فيه فكنت أشهده في كل نازلة *** و كان يشهدني إذ كنت أخفيه سألت من هو عيني أن يمن على *** قلبي به و عسى الرحمن يشفيه مما به فله نفس تنازعني *** فيه و قلت لعل اللّٰه يكفيه همي و إن له دينا و أسأله *** يقضيه عني فإني لا أو فيه يدعى صاحبها عبد المبدئ و ما للأبد أولية تعقل إلا بالرتبة و الوجود فإن له الرتبة الثانية ما له في الأولى قدم فإنها رتبة الواجب الوجود لنفسه و الرتبة الثانية رتبة الواجب الوجود بغيره و هو الممكن فالمتقدم من المخلوقين و المتأخر سواء في الرتبة فإنهم في الرتبة الثانية فإذا نسبت الثانية إلى الأولى عقلت الابتداء و الحضرة الأولى هي التي أظهرتها فهو المبدئ لها بلا شك و لا يزال حكم البدء في كل عين عين من أعين الممكنات فلا يزال المبدئ مبدئا دائما لأنه يحفظ الوجود علينا بما يوجده فينا لبقاء وجودنا مما لا يصح لنا بقاء إلا به فهو تعالى في حق كل ما يوجده دائما مبدئ له و ذلك الموجود ندعوه بالمبدئ فكل اسم إلهي يسمى بالمبدئ لما له من الحكم فيما أوجده المبدئ الأول و سيأتي حكم الحضرة الأولية في اسمه الأول إن شاء اللّٰه ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] «المعيد حضرة الإعادة»إن الإعادة مثل البدء في الصور *** و ليس يلحقها شيء من الغير بذا تزيد على الأولى فإن لها *** وقاية تتقي المذكور بالضرر لو لا الإعادة ما كنا على طلب *** عند القيام من الأجداث و الحفر |
|
||||||||
![]() |
![]() |
||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
|||||||||





