الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() ما فهو محمود بنسبة أقوى لها الحكم فيه فالحمد لله تملأ الميزان لأنه كل ما في الميزان فهو ثناء على اللّٰه و حمد لله فما ملأ الميزان إلا الحمد فالتسبيح حمد و كذلك التهليل و التكبير و التمجيد و التعظيم و التوقير و التعزيز و أمثال ذلك كله حمد فالحمد لله هو العالم الذي لا أعم منه و كل ذكر فهو جزء منه كالأعضاء للإنسان و الحمد كالإنسان بجملته فقد بان لك الحمد *** فلا يحجبنك الذم و قد لاح لك السر *** فما غيبه الكتم و حكم هذه الحضرة على ثلاثة أنحاء في التمام و الكمال و أتمها واحد منها و ذلك حمد الحامد نفسه يتطرق إليه الاحتمال فلا يكون له ذلك الكمال فيحتاج إلى قرينة حال و علم يصدق الحامد فيما حمد به نفسه فإنه قد يصف واصف نفسه بما ليس هو عليه و كذلك حكمه إذا حمده غيره يتطرق أيضا إليه الاحتمال حتى يستكشف عن ذلك فينقص عن درجة الإبانة و التحقيق و الحمد الثالث حمد الحمد و ما في المحامد أصدق منه فإنه عين قيام الصفة به فلا محمود إلا من حمده الحمد لا من حمد نفسه و لا من حمده غيره فإذا كان عين الصفة عين الموصوف عين الواصف كان الحمد عين الحامد و المحمود و ليس إلا اللّٰه فهو عين حمده سواء أضيف ذلك الحمد إليه أو إلى غيره فما ثم إلا اللّٰه فاحمد نقل حقا *** و لا تعتبر في الحمد كونا و لا خلقا و راقب ثناء الحق في كل لفظة *** فإن له في كل محمدة مرقى فمن نال هذا العلم نال مكانة *** تنزله من ربه المنزل الصدقا و سابق إلى هذا المقام بعزمة *** مع السابقات الغر في حمده سبقا و لا بد من تقسيم ربك خلقه *** فلا بد من أتقى و لا بد من أشقى و قد جاء في نص الكتاب مسطرا *** بليل و أعلى فاعتبر ذلك النطقا فإن كتاب اللّٰه ينطق بالذي *** قد أودعه الرحمن في خلقه حقا و قد وضح العلم الجلي لذي حجى *** فإن شئت أن تردى و إن شئت أن ترقى و الحمد لله المنعم المفضل و الحمد لله على كل حال فعم و خص ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] «المحصي حضرة الإحصاء»إذا أحصيت أمرك في كتاب *** تكن أنت الذي تحصى و تحصى و قلت لأمنا مهلا علينا *** و قلت لاختنا بالله قصي إذا ما جئت يا نفسي إليه *** فقولي ما تشاء له و قصي مضى عني و لم أشهد سواه *** فقلت لهمتي بالله قصي و خصي من تعبده هواه *** و لا تكتمه ما تدريه خصي [الديوان الإلهي الوجودي رأسه العقل الأول و هو القلم]يدعى صاحبها عبد المحصي و هي حضرة الإحاطة أو أختها لا بل هي أختها لا عينها قال تعالى ﴿وَ أَحٰاطَ بِمٰا لَدَيْهِمْ وَ أَحْصىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً﴾ [الجن:28] و قال في الكتاب ﴿لاٰ يُغٰادِرُ صَغِيرَةً وَ لاٰ كَبِيرَةً إِلاّٰ أَحْصٰاهٰا﴾ [الكهف:49] و هذا مقام كاتب صاحب الديوان كاتب الحضرة الإلهية و هذا الكاتب هو الإمام المبين قال تعالى ﴿وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنٰاهُ فِي إِمٰامٍ مُبِينٍ﴾ [يس:12] فالديوان الإلهي الوجودي رأسه العقل الأول و هو القلم و أما الإمام فهو الكتاب و هو اللوح المحفوظ ثم تنزل الكتبة مراتبها في الديوان بأقلامها لكل كاتب قلم و هو «قوله ﷺ لما ذكر حديث الإسراء فقال حتى ظهرت لمستوي أسمع فيه صريف الأقلام» فالقلم الأعلى الذي بيد رأس الديوان لا محو فيه كل أمر فيه ثابت و هو الذي يرفع إلى الحق و الذي بأيدي الكتبة فيه ما يمحو اللّٰه و فيه ما يثبت : على قدر ما تأتي به إليهم رسل اللّٰه من عند اللّٰه من رأس الديوان من إثبات ما شاء و محو ما شاء ثم ينقل إلى الدفتر الأعلى فيقابل باللوح المحفوظ فلا يغادر حرفا فيعلمون عند ذلك ﴿أَنَّ اللّٰهَ قَدْ أَحٰاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً﴾ [الطلاق:12] إلا أن الفرق بين الإحصاء و الإحاطة إن الإحاطة عامة الحكم في الموجود و المعدوم و في كل معلوم و الإحصاء لا يكون إلا في الموجود فما هو شيئية أحاط بكل شيء علما شيئية ﴿أَحْصىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً﴾ [الجن:28] فشيئية الإحصاء تدخل في شيئية الإحاطة |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |