الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
عليه من اللّٰه مع صاحبه من الأسماء الإلهية فيتعين عليه في كل نفس خمسة حقوق يطالب بالقيام بها حق الوارد عليه و حق صاحبه و حق المسافر عنه في تسفيره و حق صاحبه و الحق الخامس حق اللّٰه تعالى و هو صاحبه الملازم له في سفره فإنه الصاحب في السفر كما هو الخليفة في الأهل فما خلق اللّٰه أتعب خاطر و لا قلب من أهل الكشف و الحضور العارفين بالله من أهل اللّٰه أهل الشهود لهذه الأمور فيتخيل من لا معرفة له بالأمور أن العارف في راحة لا و اللّٰه بل هو أشد عذابا من كل أحد فإنه لا يزال في كل نفس يطلب نفسه مطلوبا من أجل ما أشهده اللّٰه ما أشهده بأداء هذه الخمسة الحقوق و لو لا أن اللّٰه ﴿يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ﴾ برحمته التي ﴿وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف:156] و إن من رحمة اللّٰه أعطى اللّٰه هذا العبد من الاتساع و كثرة الوزعة و الخدام ما يستعين بهم على أداء هذه الحقوق ما قدر الإنسان على أداء شيء منها و لا يطالب بهذه الحقوق كلها إلا من أشهده اللّٰه عين ما ذكرناه كما قال ﴿إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَذِكْرىٰ لِمَنْ كٰانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ﴾ [ق:37] كما يعين في الإنسان الواحد في إنزال القرآن أنه بلاغ من وجه و انذار من وجه و إعلام بتوحيد من وجه و تذكرة لما نسيه من وجه و المخاطب بهذا كله واحد العين و هو الإنسان قال تعالى ﴿هٰذٰا بَلاٰغٌ لِلنّٰاسِ﴾ [ابراهيم:52] فهو بلاغ له من كونه من الناس ﴿وَ لِيُنْذَرُوا بِهِ﴾ [ابراهيم:52] من كونه على قدم غرور و خطر فيحذروا ﴿وَ لِيَعْلَمُوا أَنَّمٰا هُوَ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ﴾ [ابراهيم:52] أي يفعل ما يريد ما ثم آخر يرده عن إرادته فيك و يصده ﴿وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبٰابِ﴾ [ص:29] بما أشهدهم به على نفسه أنه ربه ليقوم بما يجب على المملوك من حق سيده الذي أقر له بالملك و لهذا العبد إذا اشتراه الإنسان من غيره فمن شرطه أن يقر العبد لبايعه بالملك و لا يسمع مجرد دعواه في أنه مالك له و لا يقوم على العبد حجة بقول سيده ما لم يعترف هو بالملك له و يغفل عن هذا القدر كثير من الناس فإن الأصل الحرية و استصحاب الأصل مرعي و بعد الاعتراف بالملك صار الاسترقاق في هذه الرقبة أصلا يستصحب حتى يثبت الحرية إن ادعاها هكذا هو الأمر قال تعالى ﴿وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ﴾ [الأعراف:172] فثبت الاسترقاق لله عليهم فطولبوا بالوفاء بحق العبودية لهذا الإقرار فهو قوله ﴿وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبٰابِ﴾ [ص:29] فإن التذكر لا يكون إلا عن علم متقدم منسي فيذكره من يعلم ذلك فالله مع الخلق هو الصاحب المجهول لغيبتهم عن شهود هذه الصحبة فلا يطالبون بحق ما يختص به و الذي يشهده إيمانا أو عيانا يطالب بذلك فالعالم المحجوب للغيبة يخاف من المعاصي و العارف للشهود يخاف من الكفر و هو الستر يقول سدل الحجاب بعد الكشف نسأل اللّٰه عصمة واقية و هي الشهود الدائم فإنه مباح له جميع ما يتصرف فيه من هذا حاله فإنه إذا كان العبد المذنب في عقب ذنبه يعلم أن له ربا يغفر الذنب و يأخذ بالذنب علم إيمان و قد أبيح له و رفع الحجر عنه في تصرفه فما ظنك بصاحب الشهود الذي يرى من يفعل به و فيه و ما ينفعل و صدور الأعيان من حضرة من تصدر فافهم و تأمل ترشد ﴿وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ [ طه:114] فإني ما ترجمت لك إلا عن شرع مستقر و دين كالصباح الأبلج ﴿لاٰ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة:2] ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] «الخليفة حضرة الخلافة»إن الخلافة سر اللّٰه في البشر *** لذا تحملت ما فيها من الضرر أنا الخليفة ما عندي سوى نفسي *** فلا أخاف و لا أخشى من الغير خليفة الحق في الأكوان من ظهرا *** بصورة الحق ملكا كان أو بشرا فكان من قد أتى نص الكتاب به *** ابنا وجدا و هذا كله ذكرا و كان يجهل في الأعيان رتبته *** و كان حقا و لم يلحق به غيرا فلو تراه و قد خرت ملائكة *** لذاته سجدا لقلت ذا سحرا و من أبي نزلت في الحال رتبته *** و لم يزل خاسئا مثل الذي كفرا [الخليفة أي الذي يخلف المسافر في أهلة]يدعى صاحبها عبد الخليفة «قال رسول اللّٰه ﷺ في دعائه ربه في سفره أنت الصاحب في السفر» و قد مضى فيه القول و الخليفة في الأهل فسماه خليفة لما استخلفه أي بين أنه الخليفة أي الذي يخلف المسافر في أهلة فهو خليفة |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
||||||||||





