الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() و لكل جسم ما يشأ كل طبعه *** خلق يسمى العالم النوراني فهم الملائكة الكرام شعارهم *** حفظ الوجود من اسمه المحسان فتحركت نحو الكمال فولدت *** عند التحرك عالم الشيطان ثم المعادن و النبات و بعده *** جاءت لنا بعوالم الحيوان و الغاية القصوى ظهور جسومنا *** في عالم التركيب و الأبدان لما استوت و تعدلت أركانه *** نفخ الإله لطيفة الإنسان و كساه صورته فعاد خليفة *** يعنو له الأملاك و الثقلان و بدورة الفلك المحيط و حكمه *** أبدى لنا في عالم الحدثان في جوف هذا الأرض ماء أسودا *** نتنا لأهل الشرك و الطغيان يجري على متن الرياح و عندها *** ظلمات سخط القاهر الديان دارت بصخرة مركز سلطانه *** الروح الإلهي العظيم الشأن فهذا ترتيب الوضع الذي أنشأ اللّٰه عليه العالم ابتداء [التفاضل في المعلومات]اعلم أن التفاضل في المعلومات على وجوده أعمها التأثير فكل مؤثر أفضل من أكثر المؤثر فيه من حيث ذلك التأثير خاصة و قد يكون المفضول أفضل منه من وجه آخر و كذلك فضل العلة على معلولها و الشرط على مشروطه و الحقيقة على المحقق و الدليل على المدلول من حيث ما هو مدلول له لا من حيث عينه و قد يكون الفضل بعموم التعلق على ما هو أخص تعلقا منه كالعالم و القادر و لما كان الوجود كله فاضلا مفضولا أدى ذلك إلى المساواة و إن يقال لا فاضل و لا مفضول بل وجود شريف كامل تام لا نقص فيه و لا سيما و ليس في المخلوقات على اختلاف ضروبها أمر إلا و هو مستند إلى حقيقة و نسبة إلهية و لا تفاضل في اللّٰه لأن الأمر لا يفضل نفسه فلا مفاضلة بين العالم من هذا الوجه و هو الذي يرجع إليه الأمر من قبل و من بعد و عليه عول أهل الجمع و الوجود و بهذا سموا أهل الجمع لأنهم أهل عين واحدة كما قال اللّٰه تعالى ﴿وَ مٰا أَمْرُنٰا إِلاّٰ وٰاحِدَةٌ﴾ [القمر:50] و من كشف الأمر على ما هو عليه علم ما ذكرناه في ترتيب العالم في هذا الباب فإنه متنوع المساق ففي الخطبة ترتيب ليس في المنظوم و كذلك سائر ما ذكرناه في الباب «وصل»في ذكر ما في هذا المنزل من العلومفمن ذلك علم الاتصال الكوني و الانفصال الإلهي و الكوني و فيه علم تنزيه الحق مع ثبوت النزول و المعية عما للنزول و المعية من الحركة و الانتقال و فيه علم الفرقان بين الكتب المنزلة من عند اللّٰه و إن كانت كلها كلام اللّٰه و لما ذا تكثرت و تعددت آياتها و سورها هل لكونها كلاما أو لكونها متكلما بها و فيه علم افتراق الناس إلى مؤمن بكذا و غير مؤمن به و فيه علم الملإ الأعلى و فيه علم الآجال و فيه علم حكمة التفضيل في العالم و فيه علم انتشاء الفروع من أصل واحد و فيه علم قول القائل و ما على اللّٰه بمستنكر *** أن يجمع العالم في واحد و هذا هو علم الإنسان الكامل الجامع حقائق العالم و صورة الحق سبحانه و تعالى و فيه علم الفرق بين المبدأ و المعاد و ما معنى المعاد هل هو أمر وجودي أو نسبة مرتبة كوال يعزل ثم يرد إلى ولايته و فيه علم السبب الذي لأجله أنكر من أنكر المعاد و ما المعاد الذي أنكر و ما صفة المنكر و فيه علم نسبة الأشياء إلى اللّٰه نسبة واحدة فكيف سبقت الرحمة الغضب حتى عمت الرحمة كل شيء فلم يبق للغضب محل يظهر فيه و فيه علم هداة الحق و فيه علم إنشاء العالم من العالم و لما ذا يرجع ما فيه من الزيادة و النقص فلا بد من العلم بكمال أو تمام به يتميز ما زاد عليه و ما نقص عنه و هل كل زيادة على التمام نقص أم لا و فيه علم هل يوجد أمران متجاوران ليس بينهما وسط مثل الغيب و الشهادة و كالنفي و الإثبات و مثل قولنا أنت ما أنت ﴿وَ مٰا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ﴾ [الأنفال:17] و فيه علم الأمر الذي يحفظ اللّٰه به المكلف من حيث عينه و من حيث أفعاله و فيه علم كمال العالم الكمال الذي لا يحتمل الزيادة فيه فلا يظهر فيه مما لم يظهر إلا ما خرج عنه فيعود عليه فيظهر فيه أمر لم يكن فيه و هو منه فما ظهر في العالم بعد تمامه إلا العالم فأمر اللّٰه واحدة فيه و هو المعبر عنه |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |