الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
هذا الفصل من فصول التوحيد و إذا به توحيد الاختيار فعلمت أن ذلك عين هذا الفصل و أن لأهلي من هذا الفصل أوفر حظ و أعظم نصيب فلما رأينا التفاضل و الاختيار وقع في العالم حتى في الأذكار الإلهية المشروعة كما ذكرنا علمنا إن ثم أمرا معقولا ما هو عين النفس و لا هو غير النفس الذي تتكون فيه الكلمات و هي أعيان الكائنات فإذا بذلك عين المشيئة فيها ظهر هذا التفضيل في الواحد و التفضيل في المتساوي و الواحد لا يتصف بالتفضيل و المتساوي لا ينعت بالتفضيل فعلمنا أن سر اللّٰه مجهول لا يعلمه إلا هو فوجدناه توحيد الاختيار في حضرة السر لا إله إلا هو له الحمد في الأولى و هو حمد الإجمال و الآخرة و هو حمد التفصيل فتميزت المحامد في العين الواحدة فكان حمدها عينها فما أعجب مقام هذا التوحيد لمن شاهده و تعجبت من اسم أهلي في الواقعة و اسمها مريم و معنى هذا الاسم معلوم في اللسان الذي فيه سميت و هي محررة لله حاملة لروح اللّٰه محل لكلمة اللّٰه مثنى عليها بكلام اللّٰه مبرأة بشهادة ما سقط من التمر في هزها جذع النخلة اليابس و نطق ابنها في المهد بأنه عبد اللّٰه و هما شاهدان عدلان عند اللّٰه فكانت كلها لله و بالله و عن اللّٰه و لهذا غبطها زكريا نبي اللّٰه فتمنى مثلها على اللّٰه فأعطاه يحيى حصورا مثلها لم يجعل له سميا من قبل : من أنبياء اللّٰه فخصه بالأولية من أسماء اللّٰه فانظر في بركة هذا الاسم في وجود اللّٰه بين عباد اللّٰه فهذا ما كان إلا من اختيار اللّٰه ﴿وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ مٰا يَشٰاءُ وَ يَخْتٰارُ مٰا كٰانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ [القصص:68] بل هي لله و اللّٰه ﴿فَعّٰالٌ لِمٰا يُرِيدُ﴾ [هود:107] (التوحيد الرابع و العشرون)من نفس الرحمن هو قوله ﴿وَ لاٰ تَدْعُ مَعَ اللّٰهِ إِلٰهاً آخَرَ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هٰالِكٌ إِلاّٰ وَجْهَهُ﴾ [القصص:88] هذا توحيد الحكم بالتوحيد الذي إليه رجوع الكثرة إذ كان عينها و هو توحيد الهوية فنهى كونه أن يدعو مع اللّٰه إلها فنكر المنهي عنه إذ لم يكن ثم إذ لو كان ثم لتعين و لو تعين لم يتنكر فدل على أنه من دعا مع اللّٰه إلها آخر فقد نفخ في غير ضرم و استسمن ذا ورم و كان دعاؤه لحما علي و ضم ليس له متعلق يتعين و لا حق يتضح و يتبين فكان مدلول دعائه العدم المحض فلم يبق إلا من له الوجود المحض فكل شيء يتخيل فيه أنه شيء فهو هالك في عين شيئيته عن نسبة الألوهية إليه لا عن شيئيته فوجه الحق باق و هو ﴿ذُو الْجَلاٰلِ وَ الْإِكْرٰامِ﴾ [الرحمن:27] و الآلاء الجسام فما دعا من دعا إلا إلى معروف فما هو الذي نكر فما هو عين ما ذكر فالحق الخالص من كان في ذاته يعلم فلا يجهل و يجهل فلا يحاط به علما فعلم من حيث إنه لا يحاط به علما و جهل من حيث إنه لا يحاط به علما فعلم من حيث جهل فالعلم به عين الجهل به فما ثم من يقبل الأضداد في وصفه إلا اللّٰه (التوحيد |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
||||||||||





