الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() رب الكل الواحد الصمد و قد أشبعنا القول في هذا الفصل في كتابنا المسمى بالتدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية فأضربنا عن تتميم هذا الفصل هنا مخافة التطويل و كذلك ذكرناه أيضا في تفسير القرآن فسبحان من تفرد بتربية عباده و حجب من حجب منهم بالوسائط و خرج من هذا الفصل لمن عرف روحه و معناه أن الرب هو اللّٰه سبحانه و أن العالمين هو المثل الكلي و لذلك أوجده في العالمين على ثمانية أحرف عرشا و استوى عليه باللطف و التربية و الحنان و الرحمة الرحمانية المؤكدة بالرحيمية لتميز الدار الحيوان لقوله تعالى ﴿اَلرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة:1] فعم بالرحمن و خص بالرحيم فالرحمن في عالمه بالوسائط و غيرها و الرحيم في كلماته بلا واسطة لوجود الاختصاص و شرف العناية فافهم و الأسلم تسلم (وصل في قوله تعالى ملك﴿(مٰالِكِ)يَوْمِ الدِّينِ﴾ )يريد يوم الجزاء و حضرة الملك من مقام التفرقة و هي جمع فإنه لا تقع التفرقة إلا في الجمع قال ﴿فِيهٰا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان:4] فهي مقام الجمع و قد قبلت سلطان التفرقة فهي مقام التفرقة فافترق الجمع إلى أمر و نهي خطابا و سخط و رضي إرادة و طاعة و عصيان فعل مألوه و وعد و وعيد فعل إله و الملك في هذا اليوم من حقت له الشفاعة و اختص بها و لم يقل نفسي و قال أمتي و الملك في وجودنا المطلوب للقيامة المعجلة التي تظهر في طريق التصوف هو الروح القدسي و يوم القيامة وقت إيجاده الجزاء أو طولب به إن كانت عقوبة لا بد من ذلك فإن كانت الطاعة ف ﴿جَنّٰاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنٰابٍ﴾ [المؤمنون:19] و إن كانت المعصية الكفرانية فجهنم من أغلال و عذاب و من مقام الدعوى في الصورتين [الملك في وجودنا]فنفرض الكلام في هذه الآية على حد الملك و ما ينبغي له و هل ترتقي النفس من يوم الدين إلى الفناء عنه فأقول إن الملك من صح له الملك بطريق الملك و سجد له الملك و هو الروح فلما نازعه الهوى و استعان بالنفس عليه عزم الروح على قتل الهوى و استعد فلما برز الروح بجنود التوحيد و الملإ الأعلى و برز الهوى كذلك بجنود الأماني و الغرور و الملإ الأسفل قال الروح للهوى مني إليك فإن ظفرت بك فالقوم لي و إن ظفرت أنت و هزمتني فالملك لك و لا يهلك القوم بيننا برز الروح و الهوى فقتله الروح بسيف العدم و ظفر بالنفس بعد إباية منها و جهد كبير فأسلمت تحت سيفه فسلمت و أسلمت و تطهرت و تقدست و آمنت الحواس لإيمانها و دخلوا في رق الانقياد و أذعنوا و سلبت عنهم أردية الدعاوي الفاسدة و اتحدت كلمتهم و صار الروح و النفس كالشيء الواحد و صح له اسم الملك حقيقة فقال له ملك ﴿(مٰالِكِ)يَوْمِ الدِّينِ﴾ فرده إلى مقامه و نقله من افتراق الشرع إلى جمع التوحيد و الملك على الحقيقة هو الحق تعالى المالك للكل و مصرفه و هو الشفيع لنفسه عامة و خاصة خاصة في الدنيا و عامة في الآخرة من وجه ما و لذلك قدم على قوله ملك ﴿(مٰالِكِ)يَوْمِ الدِّينِ﴾ ... ﴿اَلرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة:1] لتأنس أفئدة المحجوبين عن رؤية رب العالمين أ لا تراه يقول ﴿يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة:4] شفعت الملائكة و النبيون و شفع المؤمنون و بقي أرحم الراحمين و لم يقل و بقي الجبار و لا القهار ليقع التأنيس قبل إيجاد الفعل في قلوبهم فمن عرف المعنى في هذا الوجود صح له الاختصاص في مقام أرحم و من جهلها في هذا الوجود دخل في العامة في الحشر الأكبر فتجلى في مقام الراحمين فعاد الفرق جمعا و الفتق رتقا و الشفع وترا بشفاعة أرحم الراحمين من جهنم ظاهر السور إلى جنة باطنه فإذا وقع الجدار و انهدم السور و امتزجت الأنهار و التقت البحران و عدم البرزخ صار العذاب نعيما و جهنم جنة فلا عذاب و لا عقاب إلا نعيم و أمان بمشاهدة العيان و ترنم أطيار بألحان على المقاصير و الأفنان و لثم الحور و الولدان و عدم مالك و بقي رضوان و صارت جهنم تتنعم في حظائر الجنان و اتضح سر إبليس فيهم فإذا هو و من سجد له سيان فإنهما ما تصرفا إلا عن قضاء سابق و قدر لا حق لا محيص لهما عنه فلا بد لهما منه و حاج آدم موسى (وصل)في قوله |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |