الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() بالمشاهدة الإحسانية فلما كتب رتب فوضع كل شيء مكانه و أقام أوزانه لما وضع ميزانه فكل جزء له حكم يميزه *** في عينه أبدا من بين إخوانه فالكل في الكل مضروب لذي نظر *** ضرب الحساب لإفهام بتبيانه لأنه في دجى الأحشاء رتبه *** إذ كان سواه في تعديل بنيانه أقام نشأته من عين صورته *** و عين الحق فيها وضع ميزانه الأصل مني و حكم الوزن منه لذا *** أبدته في عينه أحكام أوزانه و أودع العالم العلوي فيه بما *** أعطاه من نفسه بحد إمكانه فصار جمعا لما قد كان فرقه *** من الحقائق في أعيان أكوانه بالجمع صح له تحصيل صورته *** لم يدر ذلك لو لا حكم إيمانه أحاط علما بأن الأمر فيه على *** خلاف ما هو في آيات قرآنه من كان يقرأه يدري حقيقته *** بأنه لم يزل في حكم فرقانه فلو لا شرف النفس ما دفع الحيوان الأذى عن نفسه و ما قصد أذى الغير مع جهله بأنه يلزمه من غيره ما يلزمه من نفسه للاشتراك في الحقيقة و كذلك الإنسان إذا دفع الأذى عن نفسه لم يقع عليه مطالبة من الحق فإن تعدى و زاد على القصاص أو تعدى ابتداء أخذ به و لكن ما يتعدى إلا من كونه إنسانا فقد تجاوز حيوانيته إلى إنسانيته و الأصل في هذا التعدي من الأصل لأن الأصل له الغني و أين حكمه من حكم ﴿مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56] فهذا الأمر من الخالق أعني من الاسم الخالق لا من الاسم الغني ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ [البقرة:196] عن حجكم أو عمرتكم ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة:196] (وصل في فصل الإحصار)اختلف العلماء بالذكر في هذه الآية في حكم المحصر بمرض أو بعد و هل هذا المحصر في هذه الآية بعدو أو بمرض فقالت طائفة المحصر هنا بالعدو و قالت طائفة المحصر هنا بالمرض و قال قوم المحصر الممنوع عن الحج أو العمرة بأي نوع كان من المنع بمرض أو بعدو أو غير ذلك و هو الظاهر و به أقول مراعاة للقصد و ما أوقع الخلاف إلا فهمهم في اللسان لأنه جاء في الآية بالوزن الرباعي و نقل إنه يقال حصره المرض و أحصره العدو فأما المحصر بالعدو فاتفق الجمهور على أنه يحل من عمرته و حجه حين أحصر و قال الثوري و الحسن بن صالح لا يحل إلا يوم النحر و بالأول أقول و هو أنه يحل حين أحصر غير أني أزيد هنا شيئا لم يره من وافقنا في الإحلال حين الإحصار و هو أن المحرم إن كان قال حين أحرم إن محلي حيث تحبسني كما أمر فلا هدي عليه و يحل حيث أحصر و إن لم يقل ذلك و ما في معناه فعليه الهدى و الذين قالوا بالتحلل حين أحصر اختلفوا في إيجاب الهدى عليه و في موضع نحره عند من يقول بوجوبه على شرطنا أو على غير شرطنا فيما أحصر عنه من حج أو عمرة فقال بعضهم لا هدي عليه و إن كان معه هدي تطوع نحره حيث أحل و بنحر الهدى المتطوع به حيث أحل أقول و قال بعضهم بإيجاب الهدى عليه و اشترط بعضهم ذبح الهدى الواجب بالحرم و أما الإعادة فمن العلماء من لا يرى عليه إعادة و به أقول في حج التطوع و عمرته إن كان عليه في ذلك حرج فإن لم يكن عليه فيه حرج فليعد و أما الفريضة فلا تسقط عنه إلا إن مات قبل الإعادة فيقبلها اللّٰه له عن فريضته و إن لم يحصل منه إلا ركن الإحرام بل و لو لم يحصل منه إلا القصد و التعمل و قال بعضهم إن كان أحرم بالحج فعليه حجة و عمرة و إن كان قارنا فعليه حجة و عمرتان فإن كان معتمرا قضى عمرته و لا تقصير عليه و اختار بعض من يقول بهذا القول التقصير و قد حكى بعضهم الإجماع على إن المحصر بمرض و ما أشبهه عليه القضاء و لكن لا أدري أي إجماع أراد فإن إطلاق الفقهاء لفظة الإجماع قد تجاوزوا بها حدها الأول إلى غيره فقد يطلقون الإجماع على اتفاق المذهبين و يطلقونه على اتفاق الأربعة المذاهب و لكن ما هو الإجماع الذي يتخذ دليلا إذا لم يوجد الحكم في كتاب و لا سنة متواترة فهذا قد ذكرنا من اختلافهم في هذه المسألة ما ذكرناه و تركنا ما لا يحتاج إليه في هذا الوقت فلنرجع إلى طريقنا فنقول [نسبة الفعل إلى اللّٰه و إلى الإنسان]قوله تعالى |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |