الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() بحساب ذلك و يعامل اسم اللّٰه رمضان بما يليق به و إن لم يشهده فإن الحال اقتضى له ذلك و إن لم يعطه الحال لصحة الحساب أخرجكم ذلك الاسم الإلهي إلى وقته (وصل في فصل اعتبار وقت الرؤية)اتفقوا على أنه إذا رؤي من العشاء على إن الشهر من اليوم الثاني و اختلفوا إذا رؤي في سائر أوقات النهار أعني أول ما يرى فأكثر العلماء على إن القمر في أول وقت رؤي من النهار أنه لليوم المستقبل كحكمه في موضع الاتفاق و من قائل إذا رؤي قبل الزوال فهو لليلة الماضية و إن رؤي بعد الزوال فهو لليلة الآتية و به أقول (وصل في الاعتبار فيه)حكم الاسم الإلهي في أي حال ظهر من الأحوال فالحكم له في الحال بالتجلي و في الاستقبال بالأثر حتى يأتي حكم اسم آخر يزيل حكم الأول [الاستواء و موقف السواء]و أما من يعتبر الرؤية قبل الزوال و بعده فاعلم إن الاستواء هو المسمى في الطريق موقف السواء و هو الموقف الذي لا يتميز فيه سيد من عبد و لا عبد من سيد فإن قلت فيه في تلك الحالة سيد صدقت و إن قلت فيه عبد صدقت لأن لك شاهد حال في كل قول يشهد لك بصدق ما تقول فقل ما شئت فيه تصدق و هو مثل قوله تعالى لنبيه صلى اللّٰه عليه و سلم ﴿وَ مٰا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ رَمىٰ﴾ [الأنفال:17] فكونه رمى حق و كونه لم يرم حق يقول تعالى كنت يده التي يبطش بها فإن قلت إن الرامي هو اللّٰه صدقت و إن قلت إن الرامي هو محمد صلى اللّٰه عليه و سلم صدقت هذا هو موقف السواء [الموقف البكري و الموقف العثماني]فإن كنت في موقف أبي بكر الصديق ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّٰه قبله فتكون ممن رآه قبل الزوال فالحكم للماضي و أنت بالحال في أول الشهر و ذلك اليوم هو أوله و إن كنت عثماني المشهد أو صاحب دليل فكر فتقول ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّٰه بعده و هو الذي رآه بعد الزوال فحكمه في المستقبل و وقته في الاستواء وقت وجه الدليل له نسبة إلى الدليل و نسبة إلى المدلول ثم يظهر الزوال و هو رجوع الظل من خط الاستواء إلى الميل العيني فإنه راجع إلى العشي و هو طلب الليل (وصل في فصل اختلافهم في حصول العلم بالرؤية بطريق البصر)اختلف العلماء في ذلك فكلهم قالوا إن من أبصر هلال الصوم وحده أن عليه إن يصوم إلا ابن أبي رباح فإنه قال لا يصوم إلا برؤية غيره معه و اختلفوا هل يفطر برؤيته وحده فمن قائل لا يفطر و من قائل يفطر و به أقول و كذلك يصوم لرؤيته وحده و لكن مع حصول العلم في الرؤيتين و أما حصول العلم بالرؤية من طريق الخبر فمن قائل لا يصام و لا يفطر إلا بشاهدين عدلين و من قائل يصام بواحد و يفطر باثنين و من قائل إن كانت السماء مغيمة أعني في موضع الهلال قبل واحد و إن كانت مصحية لم يقبل إلا الجم الغفير أو عدلان و كذلك في هلال الفطر فمن قائل اثنان و من قائل واحد (وصل في الاعتبار في ذلك)فيما يراه أهل اللّٰه من التجلي في الأسماء الإلهية هل يقف مع رؤيته أو يتوقف حتى يقوم له شاهد من كتاب أو سنة قال الجنيد علمنا هذا مقيد بالكتاب و السنة يريد أنه نتيجة عن العمل عليهما و هو الذي أردناه بالشاهد و هما الشاهدان العدلان و قال تعالى ﴿أَ فَمَنْ كٰانَ عَلىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [هود:17] و هو صاحب الرؤية ﴿وَ يَتْلُوهُ شٰاهِدٌ مِنْهُ﴾ [هود:17] و هو ما ذكرناه من العمل على الخبر إما كتاب أو سنة و هو الشاهد الواحد [الشاهدان الكتاب و السنة]و الشاهدان الكتاب و السنة و إنما احتجنا إلى العمل عليهما دون العثور على النقل الذي يشهد لصاحب هذا المقام لأن ذلك يتعذر إلا بخرق العادة و هو أن يعرف من هناك بأية الدليل أو الخبر و قد رأينا هذا الجماعة من أصحابنا يحتجون على مواجيدهم بالقرآن و ما تقدم لهم به حفظ و بالسنة و قد روينا هذا عن أبي يزيد البسطامي و متى لم يعط ذلك لم يحكم عليه بقبول و لا برد كأهل الكتاب إذا أخبرونا عن كتابهم بأمر لا نصدق و لا نكذب بهذا أمرنا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فنتركه موقوفا [علمنا هذا مقيد بالكتاب و السنة]و الذي أعرف من قول الجنيد لعلمي بالطريق أنه أراد أن يفرق بين ما يعطي لصاحب الخلوات و المجاهدة و الرياضة على غير طريق الشرع بل بما تقتضيه النفوس من طريق العقل و بين ما يظهر للعاملين على الطريقة المشروعة بالخلوات و الرياضات فيشهد له سلوكه على الطريقة المشروعة الإلهية بأن ذلك الظاهر له من عند اللّٰه على طريق الكرامة به فهذا معنى قول الجنيد علمنا هذا مقيد بالكتاب و السنة و في رواية مشيد أي هو نتيجة عن عمل مشروع إلهي ليفرق بينه |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |