الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
الذي يجب عليه الزكاة و هو الذي يأخذ الصدقات كما قال ﴿هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبٰادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقٰاتِ﴾ [التوبة:104] و لكن بوجوه و نسب مختلفة فهو المعطي و الآخذ لا إله إلا هو و لا فاعل سواه فيوجب من كونه كذا و يجب عليه من كونه كذا قال تعالى ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ [الأنعام:54] أي أوجب و فرض لم يوجب ذلك عليه موجب بل هو سبحانه الموجب على نفسه منة منه و فضلا علينا فحقائق أسمائه بها تعرف إلينا و على حقائق هذه الأسماء أثبتت الشرائع الإلهية كلها ﴿قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللّٰهِ فَمٰا لِهٰؤُلاٰءِ الْقَوْمِ لاٰ يَكٰادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً﴾ [النساء:78] [الحسنة من اللّٰه و السيئة من نفسك]و قسم فقال في نسق هذا الكلام ﴿مٰا أَصٰابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّٰهِ وَ مٰا أَصٰابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ [النساء:79] و هو ما يسوءك فأنت محل أثر السوء فمن حيث هو فعل لا يتصف بالسوء هو للاسم الإلهي الذي أوجده فإنه يحسن منه إيجاد مثل هذا الفعل فلا يكون سوءا إلا من يجده سوء أو من يسوءه و هو نفس الإنسان إذ لا يجد الألم إلا من يوجد فيه ففيه يظهر حكمه لا من يوجد فإنه لا حكم له في فاعله فهذا معنى قوله ﴿وَ مٰا أَصٰابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ [النساء:79] و إن كانت الحسنة كذلك فذلك يحسن عند الإنسان فإنها أيضا تحسن من جانب الحق الموجد لها فأضيفت الحسنة إلى اللّٰه فإنه الموجد لها ابتداء و إن كانت بعد الإيجاد تحسن أيضا فيك و لكن لا تسمى حسنة إلا من كونها مشروعة و لا تكون مشروعة إلا من قبل اللّٰه فلا تضاف إلا إلى اللّٰه [و السيئة من قبل الحق حسنة]و لهذا قلنا في السيئة إنها من قبل الحق حسنة لأنه بينها لتجتنب فتسوء من قامت به إما في الدنيا و إما في العقبي فقد يكون الترك سيئة و ليس بفعل و قد يكون الفعل سيئة و كذلك الحسنة قد تكون فعلا و تركا و التوفيق الإلهي هو المؤثر في الفعل و الترك من حيث ما هو ترك له و من حيث ما هو ظاهر منه إذا كان فعلا [الحق الواجب على العبد من فعل و ترك]و ما من حق واجب على العبد من ترك و فعل إلا و لله فيه حق يقوم به الحاكم نيابة عن اللّٰه فإن كان ما بقي من ذلك الفعل أو الترك حق لله تعالى فهو حق لله من جميع وجوهه لا حق لمخلوق فيه كالصلاة و إقامة الحدود و إن كان ما بقي من ذلك الفعل أو الترك حق لمخلوق كضرب أو شتم أو غصب مال ففيه حق لله و هو ما ذكرناه و فيه حق للمخلوق و الحق الذي فيه لله هو عين الزكاة الذي في جميع أفعال اللّٰه في خلقه و الحاكم نائبه فيما استخلفه فيه فإن شاء قبضه و إن شاء تركه على ما يعطيه الحال و المصلحة و لا حرج عليه في ذلك و هو المسمى تعزيرا فيما لا حد فيه فتقطع يد السارق و لا بد و إن أخذ المال من يده و عاد إلى صاحبه فالحاكم مخير إن شاء عزره بذلك القدر الذي فيه لله من الحق المشروع و إن شاء لم يعزره و يترك ذلك لله حتى يتولاه في الآخرة بلا واسطة (وصل)و من |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
|||||||||||





