الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() (وصل الاعتبار في ذلك)الخارج عن الموطن الذي تعطيه معرفة الحق من حيث ما هو آمر بها من دليل من عرف نفسه عرف ربه و هو الارتباط بالمعرفتين فلا يخلو أن يكون خروجه إلى معرفة ربه من حيث ما هو واجب الوجود أو يكون خارجا إلى حضرة الحيرة و الوقوف أو الكثرة فإن كان خارجا إلى حكم معرفة كونه واجب الوجود لنفسه لا تجب عليه الجمعة و إن كان خروجه إلى ما سوى هذا وجبت عليه الجمعة بلا شك (وصل في فصل الساعات التي وردت في فضل الرواح إلى الجمعة)[أقوال الناس في ابتداء فضل ساعات الرواح إلى الجمعة]فمن قائل هي الساعات المعروفة من أول النهار و من قائل هي أجزاء ساعة واحدة قبل الزوال و بعده و الذي أقول به إنها أجزاء من وقت النداء الأول إلى أن يبتدئ الإمام بالخطبة و من بكر قبل ذلك فله من الأجر بحسب بكوره مما يزيد على البدنة مما لم يوقته الشارع (وصل الاعتبار في ذلك)السعي سعيان سعى مندوب إليه و هو من أول النهار إلى وقت النداء و سعى واجب و هو من وقت النداء إلى أن يدرك الإمام راكعا من الركعة الثانية و الأجر الموقت للساعي إلى أول الخطبة و ما بعد ذلك فاجر غير موقت لأنه لم يرد في ذلك شرع فأما الأجر الموقت فهو من بدنة إلى بيضة و بينهما بقرة و هي تلي البدنة و يليها كبش و تلي الكبش دجاجة و البيضة تأتي بعد الدجاجة آخرا و ليس بعدها أجر موقت و لما كانت البيضة من الدجاجة و فيها تتكون الدجاجة و ما في معناه من الحيوان الذي يبيض لهذا قرن البيضة مع الحيوان في توقيت القربة و قصد من الحيوانات في التمثيل ما يؤكل لحمه دائما غالبا مما لا خلاف في أكله و به تعظم قوة الحياة في الشخص المتغذي فكان المتقرب به تقرب بحياته و التقريب بالنفس إلى اللّٰه أسنى القربات أ لا ترى الشهداء في سبيل اللّٰه لما تقربوا بأنفسهم إلى اللّٰه في قتال أعداء اللّٰه كانت لهم الحياة الدائمة و الرزق الدائم و الفرح بما أعطاهم اللّٰه فلا يقال في الشهداء أموات لنهي اللّٰه عن ذلك لأن اللّٰه أخذ بأبصار الخلق عن إدراك حياتهم كما أخذ بأبصارهم عن إدراك الملائكة و الجن مع معرفتنا أنهم معنا حضور و لا نعتقد أيضا في الشهداء أنهم أموات بقوله ﴿وَ لاٰ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّٰهِ أَمْوٰاتاً بَلْ أَحْيٰاءٌ﴾ [آل عمران:169] و خير اللّٰه صدق فثبتت لهم الحياة لما قصدوا القربة إلى اللّٰه بنفوسهم(حكي عن بعض شباب الصالحين)أنه كان بمنى يوم النحر و كان فقيرا متجردا لا يقدر على شيء من الدنيا فنظر إلى الناس يتقربون إلى اللّٰه بنحر بدنهم و بالبقر و الغنم و ما قدروا عليه من الحيوان فقال الشاب إلهي إن الناس قد تقربوا إليك في هذا اليوم بما وصلت أيديهم إليه مما أنعمت به عليهم و ما لعبدك المسكين شيء يتقرب به إليك في هذا اليوم سوى نفسه فأقبلها فما فرغ من كلامه حتى فارق الدنيا فقبضه اللّٰه قبض الشهداء سبيل اللّٰه و لنا بيت من قصيدة في هذا المعنى و أهدى من القربان نفسا معيبة *** و هل رىء خلق بالعيوب تقربا و في مثل هذا يقول بعضهم و قد رأى بمنى مثل ما رآه هذا الشاب من الحاج فأنشد تهدي الأضاحي و أهدى مهجتي و دمي (وصل في فصل البيع وقت النداء للصلاة من يوم الجمعة)اختلفوا في البيع في وقت النداء فمن قائل يفسخ و من قائل لا يفسخ قال تعالى ﴿يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلاٰةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلىٰ ذِكْرِ اللّٰهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة:9] فأمر بترك البيع في هذا الوقت [اعتبار من يقول بعدم فسخ البيع في وقت النداء]قال اللّٰه تعالى ﴿إِنَّ اللّٰهَ اشْتَرىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ﴾ [التوبة:111] و «قال عليه السّلام في الجهاد إنه جهاد النفس و هو الجهاد الأكبر» و قال تعالى ﴿قٰاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّٰارِ﴾ [التوبة:123] و لا أكفر من النفوس بنعم اللّٰه و لا يلي الإنسان أقرب إليه من نفسه و جهاد النفس أعظم من جهاد العدو لأن الإنسان لا يخرج إلى جهاد العدو إلا بعد جهاده لنفسه و جهاد العدو قد يقع من العبد للرياء و السمعة و الحمية و جهاد النفس أمر باطن لا يطلع عليه إلا اللّٰه كالصوم في الأعمال و أحق بيع النفس من اللّٰه ﴿إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلاٰةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾ [الجمعة:9] فيترك جميع أغراضه و مراداته و يأتي إلى مثل هذا السوق فيبيع من اللّٰه نفسه و مثل هذا البيع لا يفسخ هذا مذهب من يقول بعدم الفسخ [اعتبار من يقول بفسخ البيع في وقت النداء]و من يقول بالفسخ اعتباره هو أن يقول جميع أفعال العبادات أضافها إلى العباد إلا عبادتين العبادة الواحدة الصوم فأضافه إلى نفسه و العلة في ذلك أنها صفة صمدانية سلبية لا تنبغي إلا لله من حيث |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |