الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() عز و جل و حرم الجنة التي ﴿عَرْضُهَا السَّمٰاوٰاتُ وَ الْأَرْضُ﴾ [آل عمران:133] فاشترى قليلا بكثير و فانيا بباق و خوفا بأمن أ لا تروا إنكم في أصلاب الهالكين و سيخلفها بعدكم الباقون كذلك حتى ترد إلى خير الوارثين في كل يوم و ليلة تشيعون غاديا و رائحا إلى اللّٰه تعالى قد قضى نحبه و انقضى أجله حتى تقبره في صدع من الأرض في بطن صدع ثم تدعوه غير ممهد و لا موسد قد خلع الأسباب و فارق الأحباب و سكن التراب و واجه الحساب مرتهنا بعمله فقيرا إلى ما قدم غنيا عما ترك فاتقوا اللّٰه قبل نزول الموت و ايم اللّٰه أني لأقول لكم هذه المقالة و ما أعلم عند أحد من الذنوب ما أعلم عندي و ما يبلغني عن أحد منكم حاجة إلا أحببت أن أسد من حاجته ما قدرت عليه و ما يبلغني أن أحدا منكم لا يسعه ما عندي إلا وددت أنه يمكنني تغييره حتى يستوي عيشنا و عيشه و ايم اللّٰه لو أردت غير ذلك من الغضارة و العيش لكان اللسان مني به ذلولا عالما بأسبابه و لكن سبق من اللّٰه كتاب ناطق و سنة عادلة دل فيها على طاعته و نهى فيها عن معصيته ثم وضع طرف ردائه على وجهه و شهق و بكى الناس (وصية)و عليك بالاقتداء برسول اللّٰه ﷺ في أحواله و أقواله و أفعاله إلا ما نص عليه أنه مختص به مما لا يجوز لنا أن نفعله أو خاطب به أحدا من الناس أن يفعله و نهى غيره عن ذلك بزق رجل في النيل بحضور ذي النون المصري فقال تعست يا بغيض تبزق على نعمة اللّٰه و كان ذو النون في ذلك الوقت في مشاهدة النعم الإلهية التي أحوجنا إليها فلذلك حكم عليه حاله فنطق بما نطق به كان شيخنا أبو مدين وقع بينه و بين أبي الحسن بن الدقاق و كان ابن الدقاق ممن يغشاه و يحضر مجلسه فانقطع عن حضور مجلسه لأجل ذلك فاستدعاه الشيخ أبو مدين و قال له يا أبا الحسن ما شأنك انقطعت إن شيطاني خاصم شيطانك و نحن على و دنا كما كنا ما تغيرنا و لا ندخل أنفسنا بينهما فتذكر أبو الحسن و قبل وصية الشيخ و استغفر اللّٰه و رجع إلى حضور مجلسه (وصية)بمكاتبة اعتل رجل من إخوان ذي النون فكتب إليه أن يدعو له فكتب إليه ذو النون سألتني أن أدعو اللّٰه لك أن يزيل عنك النعم و اعلم يا أخي أن العلة مجزاة يأنس بها أهل الصفاء و الهمم و الضياء في الحياة ذكرك للشفاء و من لم يعد البلاء نعمة فليس من الحكماء و من لم يأمن الشفيق على نفسه فقد أمن أهل التهمة على أمره فليكن معك يا أخي حياء يمنعك عن الشكوى و السلام و قال بعضهم كتبت إلي تسألني عن حالي فما عسيت إن أخبرك به من حال و أنا بين خلال موجعات أبكاني منهن أربع حب عيني للنظر و لساني للفضول و قلبي للرئاسة و إجابتي إبليس عدو اللّٰه فيما يكره اللّٰه و أقلني منها عين لا تبكي من الذنوب المنتنة و قلب لا يخشع عند نزول الموعظة و عقل وهن فهمه في محبة الدنيا و معرفة كلما قلبتها وجدتني بالله أجهل و أضناني منها إني عدمت خير خصال الايمان الحياء و عدمت خير زاد الآخرة التقوى و فنيت أيامي بمحبة الدنيا و تضييعي قلبا لا أقتني مثله أبدا و وادعه إنسان فقال له قل لأبي يزيد إلى متى النوم و الراحة و قد جازت القافلة فقال أبو يزيد قل لأخي ذي النون الرجل من ينام الليل كله ثم يصبح في المنزل قبل القافلة فقال ذو النون هنيئا له هذا كلام لا تبلغه أحوالنا و كان العلماء يكتب بعضهم إلى بعض بثلاث من أحسن سريرته أحسن اللّٰه علانيته و من أصلح آخرته أصلح اللّٰه له أمر دنياه و من أصلح ما بينه و بين اللّٰه أصلح اللّٰه ما بينه و بين الناس و كتب رجل إلى عالم ما الذي أكسبك علمك من ربك و ما أفادك في نفسك و دينك فكتب إليه العالم أثبت العلم الحجة و قطع عمود الشك و الشبهة و شغلت أيام عمري يطلبه و لم أدرك منه ما فاتني فكتب إليه الرجل العلم نور لصاحبه و دليل على حظه و وسيلة إلى درجات السعداء فكتب إليه العالم أبليت إليه في طلبه جد الشباب فأدركني حين علمت الضعف عن العمل به و لو اقتصرت منه على القليل كان لي فيه مرشد إلى السبيل كان شيخنا أبو عبد اللّٰه المجاهد و شيخنا تلميذه أبو عبد اللّٰه ابن قشوم نائبه في التدريس و الإمامة لا يبرح الورق و المداد و القلم معهما يكتبان كل يوم ما قدر لهما من العلم رغبة أن يحشرا غدا عند اللّٰه من طلاب العلم (وصية)دخل رجل على عبد الملك بن مروان ممن كان يوصف بالفضل و الأدب فقال له عبد الملك ابن مروان تكلم قال بما أتكلم و قد علمت إن كل كلام يتكلم به المتكلم وبال عليه إلا ما كان لله فبكى عبد الملك ثم قال يرحمك اللّٰه لم يزل الناس يتواعظون و يتواصون فقال الرجل يا أمير المؤمنين إن للناس في القيامة جولة لا ينجو من غصص مرارتها و معاينة الردي فيها إلا من أرضى اللّٰه بسخط نفسه قال فبكى |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |