الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() خلق في حقك و في وقتك إذا كان وقتك الحق و إن كان خلقا فما تنظر إليه إلا بعين الخلق و الحكم تابع للنظر و لا يحكم النظر إلا بما يعطيه لمنظور من ذاته فمن المحال أن يكون المنظور إليه قائما فيدركه قاعدا أو على لون ما إن كان من المتلونات فيدركه على غير اللون الذي هو عليه ذلك المنظور و هذا سائغ في كل قوة موضع الطعم إذا غلبت عليه المرة الصفراء قال في العسل إذا ذاقه إنه مر و العسل ما باشر موضع الطعم و إنما باشرته المرة الصفراء فصدق في المرارة و كذب في نسبة المرارة إلى العسل فاعلم ذلك [من أجاب أجيب فلم لا يستجيب]و من ذلك من أجاب أجيب فلم لا يستجيب لما أجبت دعاة الحق كنت لهم *** مؤيدا و بهم أيدتهم فإذا أقول إنهم عيني و معتقدي *** كما أقول إذا ما كنت منتبذا الحق يجهل أو يعزى لكل هوى *** و لو يرى الحس أن الحق قد نبذا هيهات ليس له حد فتدركه *** به فإن له حكما علي بذا بذا حكمت و ما في الحكم من عجب *** فكل حكم تراه فهو فيه كذا فلا يحيط به علم و معرفة *** و لا يناط به من جانبيه أذى قال لا تعامل إلا بما عاملت فعملك يعود عليك استجب لله و لرسوله إذا دعاك لما يحييك : فإنه إذا دعاك فأجبته يجبك إذا دعوته قال عز و جل ﴿وَ إِذٰا سَأَلَكَ عِبٰادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّٰاعِ إِذٰا دَعٰانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي﴾ [البقرة:186] فإني دعوتهم على السنة أنبيائي و كما أنه عزَّ وجلَّ يعطي جزاء يطلب من عبده الجزاء لما دعاه الحق إلى التكوين و أجاب فكان فدعاه خالقه إلى ما تقوم به ذاته و يبقى عليه عينه فأجابه الحق بالإمداد فكان جزاء و لو شاء أعدمه لكنه أجاب فأجابه الحق فكان ذلك تنبيها من الحق لنا و تعليما فإياك و الغفلة عن ملاحظة هذه الأشياء التي نصبها الحق لتشهد فلا تعاملها إلا بما نصبها الحق له فأصل الإجابة في العالم من هناك و هو أصل قوي و لذلك ما دعا اللّٰه أحدا إلا و أجابه إلا إن الأمور مرهونة بأوقاتها لمن يعلم ذلك فلا تستبطئ الإجابة فإنها في الطريق و في بعض الطرق بعد و هو التأجيل [طيب الأعراق يدل على مكارم الأخلاق]و من ذلك طيب الأعراق يدل على مكارم الأخلاق قد قيل في مثل أجراه قائله *** إن الجياد على أعراقها تجري فمن يقوم به أخلاق سيده *** يجري الجميل و غير الخير ما يجري هذا الذي قلته التوحيد جاء به *** يوم الخميس إلينا ليلة القدر أقام عندي بلا كد و لا نصب *** من أول لليل ﴿حَتّٰى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر:5] قال إذا كانت الأعراق التي هي الأصول طيبة بالصلاحية و القوة كان الثمر في الفروع طيبا بالوجود و الفعل فالثمر من الأصول يستمد فإنها من ذاتها لا تستبد و الأصل الحق في وجود العالم و هو الطيب فما في الوجود إلا طيب فإن كل ما في الوجود إنما هو أخلاق الحق أي ثمرات أسمائه و أسماء الحق للحق كالفروع و الأغصان للشجرة و لذلك تختلف الأغصان من التشاجر و يدخل بعضها على بعض تداخل الأسماء الإلهية في الحكم في العالم كما قال ﴿كُلاًّ نُمِدُّ هٰؤُلاٰءِ وَ هَؤُلاٰءِ مِنْ عَطٰاءِ رَبِّكَ وَ مٰا كٰانَ عَطٰاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً﴾ [الإسراء:20] فأي عين لم تر في العالم طيبا في أمر ما منه فما ذلك إلا لغيبة الحق عن شهودها في تلك النظرة [ذكر الجنوب قريب من الغيوب]و من ذلك ذكر الجنوب قريب من الغيوب من يذكر اللّٰه قد يرجو مذكره *** من القيام يكون الذكر أو جنب أو القعود فإن اللّٰه يذكره *** في كل حال بلا كد و لا نصب هذي الحياة التي ترجى النعيم بها *** في حال جد يكون الذكر أو لغب إن الذي يذكر الرحمن جاء بما *** يكون فيه جلاء الشك و الريب فالله يعصم قلبي من غوائله *** فإنها قد تؤدينا إلى العطب قال الذاكرون ثلاثة ذاكر قائم و هو الذي له مشاهدة قيومية الحق فيراه قائما ﴿عَلىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمٰا كَسَبَتْ﴾ [الرعد:33] فلا يشهده |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |