أعيان أسمائها كما قال عن نبيه ص ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة:128] و وصف نفسه بأنه ﴿أَحْسَنُ الْخٰالِقِينَ﴾ [المؤمنون:14] و خير الشاكرين و ﴿خَيْرُ النّٰاصِرِينَ﴾ [آل عمران:150] و كل ذلك اتصف به أهل اللّٰه على السنة المشروعة و الطريقة الإلهية الموضوعة فاتخذوا ذلك قربة إلى اللّٰه فالله يجعلنا من أهله فإنا من هذه الأهلية إلهية واليناه و من كونه مجيبا لما يطلبه منه عباده حين ينادونه سألناه و من كونه نزل إلينا في ألطافه الخفية و سأل منا أمورا وردت بها الأخبار الإلهية بالسنة الشرائع بادرنا إلى ذلك و قبلناه و من كونه إذا تقربنا إليه بنوافل الخيرات و أحبنا فكان سمعنا و بصرنا و جميع قوانا بهويته كنا و من كونه خلقنا دون جميع صور العالم على صورته و ما بقي اسم ورد إلا و ظهرنا به حتى أضيف إلينا وسعناه و من كونه أعطانا الانفعال عنا و التأثير في الأكوان علمنا ما حصل لنا من ذلك منه و حققناه و من استنادنا إلى ذات موجدة لها غنى عنا و لنا إليها افتقار ذاتي لإمكاننا عرفناه و من كون هذا الأمر الذي استندنا إليه له نسبة إلينا بها ظهرت أعياننا بما نحن عليه من جميع ما يقوم بنا و نتصف به علمناه و بتجليه في صورة كل شيء من العالم في قوله ﴿يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرٰاءُ إِلَى اللّٰهِ﴾ [فاطر:15] خشعنا له و شهدناه و من اسمه الظاهر في المظاهر فلا فاعل في الكون إلا هو رأيناه و من كونه يطلب آثار عباده و ما يكون منهم و إن كان ذلك خلقا له كما قال ﴿وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّٰى نَعْلَمَ الْمُجٰاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصّٰابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبٰارَكُمْ﴾ طالعناه و من كونه وصف نفسه بصفات المحدثات تنزلا لنا آمنا بذلك القول إذ نسبه إلى نفسه و اعتقدناه و من كونه «أوحى إلى رسوله ﷺ أن يقول لنا اعبد اللّٰه كأنك تراه» و «إن اللّٰه في قبلة المصلي إذا هو ناجاه تخيلناه» و من قوله ﴿اَللّٰهُ نُورُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكٰاةٍ فِيهٰا مِصْبٰاحٌ الْمِصْبٰاحُ فِي زُجٰاجَةٍ الزُّجٰاجَةُ كَأَنَّهٰا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبٰارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاٰ شَرْقِيَّةٍ وَ لاٰ غَرْبِيَّةٍ يَكٰادُ زَيْتُهٰا يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نٰارٌ نُورٌ عَلىٰ نُورٍ﴾ [النور:35] شبهناه و من كونه قال ﴿فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ﴾ [البقرة:115] و مع هذا أمرنا باستقبال جهة خاصة سماها القبلة جعل نفسه لنا فيها «فقال عليه السّلام إن اللّٰه في قبلة المصلي» و أمرنا باحترامها و أن نستقبلها في مجالسنا و أداء صلواتنا و أن لا نستقبلها بغائط و لا بول فإن اضطررنا إلى هذه القاذورات انحرفنا عنها قليلا قدر الطاقة و استغفرنا اللّٰه مثلناه و من كونه «قال له رسول اللّٰه ﷺ عند سفره عن أهله أنت الصاحب في السفر و الخليفة في الأهل» و أمرنا أن نتخذه وكيلا : وكلناه و من كونه أقرب إلينا ﴿مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق:16] و لكن لا نبصره كبرناه و من كونه أمرنا أن نعظم شعائر اللّٰه : لدلالتها عليه و حرمات اللّٰه عظمناه و عن ملابسته إيانا في حركاتنا و سكناتنا مع شهودنا إياه فيها أجللناه و من أمره إيانا في الإهلال بالحج بتوحيده نفينا الشريك عنه تعالى و أثبتناه و بتهليله في قولنا لا إله إلا اللّٰه هللناه و من دعائه بأمره لنبيه ﷺ في قوله ﴿وَ أَذِّنْ فِي النّٰاسِ بِالْحَجِّ﴾ [الحج:27] الآيات لبيناه و من كونه ظهر فينا بنا و إلينا عنا و كان أقرب إلينا منا كما أخبرنا آمنا بذلك كله ثم قال إنه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] صدقناه و نزهناه و بقوله قال اللّٰه في غير موضع من كتابه و وعده و وعيده و تجاوزه عن سيئاتنا في خطابه و إضافة الكلام إليه صدقناه و من كونه أمرنا أن نعلمه و نصب الأدلة لنا محررة على الوصول إلى العلم به و البحث عنه لنتبين أنه الحق في قوله ﴿سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [فصلت:53] لنستدل بما ذكره عليه طلبناه و لما علمنا أنه ما طلبنا و لا طلب منا أن نطلبه إلا و لا بد أن نجده إما بالوصول إليه أو بالعجز عن ذلك و على كلا الأمرين فوجدناه فلما ظفرنا به في زعمنا و أردنا أن نقره على ما وجدناه تحول سبحانه لنا في غير الصورة التي ظفرنا به فيها ففقدناه و من قوله ﴿أَقْرِضُوا اللّٰهَ قَرْضاً حَسَناً﴾ [الحديد:18] علمنا بتقييد القرض بالحسن أنه يريد أن نرى النعمة منه و إنها نعمته فعلى هذا الحد من المعرفة بالإنعام و النعم أقرضناه و لما ظهر لنا سبحانه عند صور التجلي في صور العالم لنحكم عليه بما تعطيه حقائق ما ظهر فيها من الصور و قد ظهر في صور تقتضي الملل و «أخبر ﷺ أن اللّٰه لا يمل حتى تملوا» فأشار إن ملل الإنسان ملله فأثبته للإنسان و نفاه ﴿وَ مٰا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ رَمىٰ﴾ [الأنفال:17] و مع هذا التعريف مللناه و بما أطلعنا عليه من أسراره في عباده و اطلع على أسرار عباده بما أطلعوه عليه من ذلك من هذه النسبة لا من كونه عالما بها من غير نسبة اطلاعنا إياه عليها كاشفناه و من كونه غيورا كما «ذكره رسول اللّٰه ﷺ في حديث الغيرة في خبر سعد إن اللّٰه غيور و من غيرته حرم الفواحش سترناه» و من قوله ﴿تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ﴾ [الحجرات:1]