الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
«هو نحن و نحن هو» و تارة يقولون لا نحن نحن مخلصون و لا هو هو مخلص ثم صدق اللّٰه هؤلاء الخواص في حيرتهم بقوله لأخص خلقه علما و معرفة ﴿وَ مٰا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ رَمىٰ﴾ [الأنفال:17] فنفى عين ما أثبت فما أثبت و ما نفى فأين العامة من هذا الخطاب فالعلم بالله حيرة و العلم بالخلق حيرة و قد حجر النظر في ذاته و أطلقه في خلقه فالهداة في النظر في الخلق لأنه الهادي و قد هدى و العمي في النظر في الحق فإنه قد حجر و جعله سبيل الردي و هذا خطاب خاطب به العقلاء ما خاطب به أهل الجمع و الوجود فما نظر قط أهل الخصوص في اكتساب علم به و لا بمعلوم و إنما جعل لهم أن يهيئوا محالهم و يطهروا قلوبهم حتى يأتي اللّٰه ﴿بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾ [المائدة:52] بالفتح ﴿فَيُصْبِحُوا عَلىٰ مٰا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نٰادِمِينَ﴾ [المائدة:52] لأنهم عاينوا ما وصلوا إليه بالفتح الإلهي و الأمر عين ما انفصلوا عنه ف ﴿مٰا زٰادَهُمْ إِلاّٰ إِيمٰاناً﴾ [الأحزاب:22] بالحيرة ﴿وَ تَسْلِيماً﴾ [الأحزاب:22] لحكمها و من هذه الحضرة أثبت أن الباطل شيء قذف بالحق عليه فدمغه فإذا الباطل زاهق : و لا يزهق إلا ما له عين أو ما تخيل أن له عينا فلا بد له من رتبة وجودية خيالا كانت أو غير خيال قد اعتنى بها على كل حال ثم إنه من أعظم الحيرة في الحق إن الحق له الوجود الصرف فله الثبوت و صور التجلي حق بلا شك و ما لها ثبوت و ما لها بقاء *** لكن لها اللقاء فما لها شقاء ما من صورة ينجلي فيها إلا إذا ذهبت ما لها رجوع و لا تكرار و ليس الزهوق سوى عين الذاهب ﴿فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴾ [التكوير:26] فهل في الحق باطل أو ما هو الباطل و ما اذهب الصورة إلا قذف الصورة الأخرى و هي تذهب ذهاب أختها فهي من حيث ورودها حق و من حيث زهوقها باطل فهي الدامغة المدموغة فصدق من نفي رؤية الحق فإن الحق لا يذهب فإنه إن كانت الصور صورنا فما رأينا إلا أنفسنا و نحن ليس بباطل و قد زهقنا بنا فنحن الحق لأن اللّٰه بنا قذف علينا فما أتى علينا إلا منا فالله بالحق قاذف و العبد للحكم الإلهي واقف فالعين مني و منه *** لها البقاء و الثبوت من ذا الذي منه يحيى *** أو من هو منه يميت و منه مني يحيي *** أو منه مني يموت قد حرت فيه و فينا *** فنحن خرس صموت لا تدعى فيه دعوى *** فإنه ما يفوت أصبحت لله قوتا *** و إنه لي قوت فالأمر دور و هذا *** علمي به ما بقيت فلا تعتمد على من له الزهوق فإنه ما يحصل بيدك منه شيء و لا تعتمد إلا عليك فإن مرجعك إليك و إلى اللّٰه ترجعون كما ﴿تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ [البقرة:210] فمن هنا قال من قال من رجال اللّٰه أنا اللّٰه فأعذروه فإن الإنسان بحكم ما تجلى له ما هو بحكم عينه و ما تجلى له غير عينه فسلم و استسلم فالأمر كما شرحته ﴿وَ عَلَى اللّٰهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ [النحل:9] ... ﴿وَ لَوْ شٰاءَ لَهَدٰاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [النحل:9] «الوكيل حضرة الوكالة»وكيلي من يقول أنا الوكيل *** و يدري إنني عنه أقول و لو أني أشاهده بقلبي *** لما كان الطلوع و لا الأفول و لكني أشاهده بعيني *** لذا وقع التحير و الذهول [الحليم الذي لا يعجل]يدعى صاحبها عبد الوكيل بهذا الاسم الإلهي ثبت الملك و الملك للخلق فإنا ما وكلناه إلا في التصرف في أمورنا فيما هو لنا لعلمنا بكمال علمه فينا فإنه يعلم منا ما لا نعلمه من نفوسنا و ما أعطاه العلم بنا سوانا في حال سوانا في حال ثبوتنا فنحن العلماء الجاهلون و هو العليم الذي لا يجهل و لهذا هو الحليم الذي لا يعجل فيمهل و لا يهمل و نحن نعجل و هو يعلم منا أنا نعجل و ما نعجل و إنما هو انتهاء مدة الأجل فالأجل منه قصير المدة و منه طويلها فكل يجري إلى أجل مسمى إلى ما لا يتناهى جريانا دائما لا ينقضي فالحق كل يوم في شأن و نحن في خلق جديد بين وجود و انقضاء فأحوال تتجدد على عين لا نبعد بأحكام لا تنفد و هي كلمات اللّٰه و خلقه و ﴿لاٰ تَبْدِيلَ لِكَلِمٰاتِ اللّٰهِ﴾ [يونس:64] و ﴿لاٰ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّٰهِ﴾ [الروم:30] و إنما التبديل لله فنحن كلماته و خلقه فهذا الوكيل الحق قد أعلمنا بتصرفه فينا أنه ما زاد شيئا على ما أعطيناه منا لأن الوكيل بحكم موكله فلا يتصرف إلا فيما أذن له فللوكيل الحجة البالغة فإنه لا يزيد على الحد المفوض إليه و ما ثم ما يقبل الزيادة فإن قلت للوكيل لم فعلت كذا كشف لك |
|
||||||||
![]() |
![]() |
||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
|||||||||





