الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() الوجه الخاص الذي لله في كل كائن فاعلم إن ذلك اللفظ المسمى اسما ناقصا و هو ما و من و الذي و أخوات هذه الأسماء إنما مسماها السبب الذي احتجب اللّٰه به عن خلقه في خلقه هذه المسببات فهو القدوس أي المطهر عن نسبة الأسماء النواقص إليه ﴿لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران:6] فأنت بخير النظرين إما أن يكون كشفك إن الحق هو الظاهر في مظاهر الممكنات فيكون التقديس للممكنات بوجود الحق و ظهوره في أعيانها فتقدست به عما كان ينسب إليها من الإمكان و الاحتمالات و التغييرات فليس إلا أمر واحد و أعيان كثيرة كل عين في أحديتها لا تتغير عين لعين بل يظهر بعضها لبعض و يخفى بعضها عن بعض بحسب صورة الممكن و إما أن يكون الحق عين المظهر و يكون الظاهر أحكام أعيان الممكنات الثابتة أزلا التي لا يصح لها وجود فيكون التقديس للحق لأجل ما ظهر من تغير أحكام الممكنات في عين الوجود الحق أي الحق مقدس قدوس عن تغيره في نفسه بتغير هذه الأحكام كما تقول في الزجاج المتلون بألوان شتى إذا ضرب النور فيه و انبسط نور الشعاع مختلف الألوان لأحكام أعيان التلون في الزجاج و نحن نعلم أن النور ما انصبغ بشيء من تلك الألوان مع شهود الحس لتلون النور بألوان مختلفة فتقدس ذلك النور في نفسه عن قبول التلون في ذاته بل نشهد له بالبراءة من ذلك و نعلم أنه لا يمكن أن ندركه إلا هكذا فكذلك و إن نزهنا الحق عن قيام تغيير ما أعطته أحكام أعيان الممكنات فيه عن أن يقوم به تغيير في ذاته بل هو القدوس السبوح و لكن لا يكون الأمر إلا هكذا في شهود العين لأن الأعيان الثابتة في أنفسها هذه صورتها و كذلك روح القدوس تارة يتجلى في صورة دحية و غيره و تجلى و قد سد الأفق و تجلى في صورة الدر و تنوعت عليه الصور أو تنوع في الصور و نعلم أنه من حيث إنه روح القدس مطهر عن التغيير في ذاته و لكن هكذا ندركه كما أنه إذا نزل بالآيات على من نزل من عباد اللّٰه و الآيات متنوعة فإن القرآن متنوع ينطبع عند النازل عليه في قلبه بصورة ما نزل به عليه فتغير على المنزل عليه الحال لتغيير الآيات و الكلام من حيث ما هو كلام اللّٰه واحد لا يقبل التغيير و الروح من حيث ما هو لا يقبل التغيير فالكلام قدوس و الروح قدوس و التغيير موجود فتنظر في مدلول الآيات فإذا كان مدلولها الممكنات فالتقديس للحق و إذا كان مدلول الآية الحق فما هو من حيث عينه لأنه قدوس و إنما هو من حيث اسم ما إلهي من الأسماء و هذه فائدة الدلالة «حضرة السلام الاسم الإلهي السلام»لما تسمى بالسلام لخلقه *** كان السلام له المقام الشامخ و الحكم فيهم بالذي قد شاءه *** و العز و المجد التليد الباذخ إن السلام تحية من ربنا *** فينا و من أسماء نرجو السلام و لنا التأخر عن علو مقامه *** و له التقدم و التحكم و الإمام لما تسمى بالسلام لخلقه *** حارت عقول الواصلين من الأنام قال اللّٰه تعالى ﴿لَهُمْ دٰارُ السَّلاٰمِ﴾ [الأنعام:127] و هي دار ﴿لاٰ يَمَسُّهُمْ فِيهٰا نَصَبٌ﴾ [الحجر:48] فهم فيها سالمون [أن السلامة التي للعارف هي تنزيهه من دعوى الربوبية على الإطلاق]و اعلم أن السلامة التي للعارف هي تنزيهه من دعوى الربوبية على الإطلاق إلا أن يظهر عليه نفحاتها عند ما يكون شهوده كون الحق جميع قواه فيكون دعوى فيكون سلامته عند ذلك من نفسه و بها سمي السلام سلاما لما أراد الصحابة رضي اللّٰه عنهم في التشهد أن يقولوا أو قالوا السلام على اللّٰه تحية «فقال رسول اللّٰه ﷺ لا تقولوا السلام على اللّٰه فإن اللّٰه هو السلام» فإذا حضر العبد و هو عبد السلام مع الحق في هذه الحضرة و كان الحق مرآة له فلينظر ما يرى فيها من الصور فإن رأى فيها صورة باطنة و معاينة مشكلة بشكل ظاهره فعلم أنه رأى نفسه و ما حصلت له درجة من يكون الحق جميع قواه و إن رأى صورة غير مشكلة بشكل جسدي مع تعقله أن ثم أمرا ما هو عينه فتلك صورة حق و إن العبد في ذلك الوقت قد تحقق بأن الحق قواه ليس هو و إن كان العبد في هذا الشهود هو عين المرآة و كان الحق هو المتجلي فيها فلينظر العبد من كونه مرآة ما تجلى فيه فإن تجلى فيه ما يقيد بشكله فالحكم للمرآة لا للحق فإن الرائي قد يتقيد بحقيقة |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |