الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
لو لم يكن من ملكه إلا الذي *** يوم القيامة في السعادة تشهد [عالم الغيب و عالم الشهادة]اعلم أن الملك و الملكوت لهما الاسم الظاهر و الباطن و هو عالم الغيب و عالم الشهادة و عالم الخلق و عالم الأمر و هو الملك المقهور فإن لم يكن مقهورا تحت سلطان الملك فليس بملك و من كان باختيار ملكه لا باختيار نفسه في تصرفه فيه فليس ذلك بملك و لا ملك بل منزلة من هو بهذه المثابة في ملكه منزلة المتنفل في العبادة فهو عبد اختيار لا عبد اضطرار يعزل ملكه إذا شاء و يوليه إذا شاء و الملك المجبور المضطر ليس كذلك فهو تحت سلطان الملك فإذا نفذ أمره في ظاهر ملكه و في باطنه فذلك الملكوت و إن اقتصر في النفوذ على الظاهر و ليس له على الباطن سبيل فذلك الملك و قد ظهرت هاتان الصفتان بوجود المؤمن و المنافق في اتباع الرسل صلوات اللّٰه عليهم فمنهم من اتبعه في ظاهره و باطنه و هو المؤمن المسلم و منهم من اتبعه في ظاهره لا في باطنه و ذلك المنافق و منهم من اتبعه في باطنه لا في ظاهره فذلك المؤمن العاصي و ما جعل اللّٰه للإنسان عينين إلا ليدرك بهما هاتين الصفتين عين حس و عين عقل بصيرة و بصر لأنه لما خلق ﴿مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ [هود:40] خلق لإدراكهما عينين و لما أضاف إلى نفسه الأعين بلفظ الجمع ليدل على الكثرة فكل عين حافظة مدركة لأمر ما بأي وجه كان فهي عين الحق الذي له الحفظ و الإدراك فذلك سبب الجمع فيها فهو الحفيظ بنفسه و بخلقه *** و هو العليم بما له من حقه بل وصف نفسه تعالى بالمشيئة و الاختيار أثبت بذلك عندنا شرعا لا عقلا إن له تصرفا في نفسه و هذا حكم يحيله النظر العقلي بعين البصيرة على اللّٰه و يصححه الخبر الشرعي و العين البصري في اختلاف الصور عليه التي يتجلى فيها و به ثبت ﴿يَمْحُوا اللّٰهُ مٰا يَشٰاءُ وَ يُثْبِتُ﴾ و ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَ يَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [ابراهيم:19] و ﴿لَوْ أَرٰادَ اللّٰهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاَصْطَفىٰ﴾ [الزمر:4] ففي هذا كله وجه إلى أحدية متعلق الإرادة و وجه إلى التصرف في التعلق و التصرف في التعلق تصرف في الإرادة و الإرادة إما ذاته على مذهب نفاة الزائد و إما صفته على مذهب مثبتي الصفات زائدة و الصحيح في غير هذين القولين و هو أن الإرادة ليست بأمر زائد على الذات و لا هي عين الذات و إنما هي تعلق خاص للذات أثبته الممكن لإمكانه في القبول لأحد الأمرين على البدل لو لا معقولية هذين الأمرين و معقولية القبول من الممكن ما ثبت للإرادة و لا للاختيار حكم و لا ظهر له في العبارات اسم فمن حضر مع الحق في حضرة الملك و الملكوت و لم يعرف العالم و لا ما هو و لا عرف نسبته من الحق و لا نسبة الحق منه فما حضر في هذه الحضرة بوجه من الوجوه و لا كان له حظ في الاسم الملك «حضرة التقديس و هو الاسم القدوس»من طهر النفس التي لا تنجلي *** أعلامها فينا يكن قدوسا و يرد ملكا طاهرا ذا عفة *** من كان في تصريفه إبليسا إلى القدوس أعملت المطايا *** لا حظي بالزكاة و بالطهور و بالعرش المحيط و ساكنيه *** و بالأمر العلى من الأمور فإن القدس ليس له نظير *** به أحيى له و به نشوري و إن الحق ليس به خفاء *** و صدر الحق منا في الصدور [الأسماء النواقص هي التي لا تتم إلا بصلة]سبوح قدوس مطهر من الأسماء النواقص و الأسماء النواقص هي التي لا تتم إلا بصلة و عائد فإن من أسمائه سبحانه الذي و ما في قوله ﴿اَلَّذِي خَلَقَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ﴾ [الأنعام:1] و في قوله ﴿اَلَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَيٰاةَ﴾ [الملك:2] و أما ما في قوله تعالى ﴿وَ السَّمٰاءِ وَ مٰا بَنٰاهٰا﴾ [الشمس:5] في بعض وجوه ما في هذا الموضع فإن ما قد تكون هنا مصدرية و قد تكون بمعنى الذي فتكون ناقصة فتكون هنا اسما لله عز و جل [خلق الأسباب و المسببات]فاعلم إن اللّٰه لما خلق الأسباب و جعلها الظاهرة لعباده و فعل المسببات عندها و تخيل الناظرون أنها ما خلقت إلا بها و هذا هو الذي أضل الخلق عن طريق الهدى و العلم و حجبهم عن |
|
||||||||
![]() |
![]() |
||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
|||||||||





