الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) | 
![]()  | 
	![]()  | 
	|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة) 
	
بحسب ما يقتضيه دليل الوقت فيعقل منها عند ذلك ما يعقل فإذا كانت هجيرا لأحد فإن كان المثابر عليها يذكر بها ربه بالمفاضلة كان الكشف له من عند اللّٰه بحسب ما نوى فلا يرى إلا مفاضلة و هو كشف معين سأذكره في هذا الباب و إن كان الذاكر به ربه يستحيل عنده المفاضلة كان الكشف له من عند اللّٰه بحسب ما نوى فلا يرى مفاضلة و هو كشف معين سأذكره في هذا الباب إن شاء اللّٰه و إن كان الذاكر به ربه من حيث هو ذكر مشروع لا تخطر له فيه المفاضلة و لا ترك المفاضلة نتج له ما هو الأمر عليه من غير تقييد فيكون ما حصل لمن نوى المفاضلة و من لم ينوها تحت علم هذا الذاكر الثالث و هذه الهجيرات هي قوله تعالى ﴿وَ الذّٰاكِرِينَ اللّٰهَ كَثِيراً وَ الذّٰاكِرٰاتِ﴾ [الأحزاب:35] فالهجير هو الكثرة من الذكر دائما فإذا تقرر هذا فلنقل «فصل»فيمن ذكر هذه اللفظة بطريق المفاضلةاعلم أن المفاضلة في هذا الذكر و أمثاله على قسمين قسم يرجع الفاضل فيه و المفضول إلى الحق و قسم يرجع الفاضل فيه إلى الحق و المفصول إلى الخلق فلنبدأ بما يرجع إلى الحق و هو على قسمين قسم يرجع إلى هذا الاسم من حيث لفظه و قسم يرجع إلى غير لفظه من الأسماء فالذي يرجع إلى لفظه كالكبير في قوله تعالى إنه ﴿اَلْكَبِيرُ الْمُتَعٰالِ﴾ [الرعد:9] و كالمتكبر في قوله تعالى ﴿اَلْجَبّٰارُ الْمُتَكَبِّرُ﴾ [الحشر:23] فيكون الكبير أفضل من المتكبر لأن الكبير لنفسه هو كبير و المتكبر تعمل في حصول الكبرياء و ما هو بالذات أفضل بما هو بالتعمل فإن التعمل اكتساب و إنما كان التكبر من صفات الحق لما كان من نزوله في الصفات إلى ما يعتقده أصحاب النظر و أكثر الخلق أنه صفة المخلوق فلما علم ذلك منهم و هو سبحانه قد وصف لهم نفسه بتلك الصفات حتى طمعوا فيه و ضل بها قوم عن طريق الهدى كما اهتدى بها قوم في طريق الحيرة قام لهم تعالى في صفة التكبر عن ذلك النزول ليعلمهم أنه و إن اشترك معهم في الاسمية فإن نسبتها إليه تعالى ليست كنسبتها إلى المخلوق فيكون مثل هذا تكبر أو لا يحتاج الكبير إلى هذا كله فتبين لك المفاضلة بين الكبير و المتكبر و أما المفاضلة التي لهذه الكلمة أعني قولك اللّٰه أكبر فهي كلمة مفاضلة على كل اسم من الأسماء الإلهية بما يعطيه فهم الخلق فيه أعني في كل اسم اسم لأن فهم العالم لا بد أن يكون يقصر عما هو الأمر عليه و لا يتمكن أن يقبل توصيل ذلك لو تمكن أن يوصله الحق إليك فنحن لا قوة لنا على التحصيل و لا قوة في نفس الأمر على التوصيل فلا بد من قصور الفهم فتدل لفظة اللّٰه أكبر من كل ما أعطاه فهم من نسبة الكبرياء إلى اللّٰه بأي اسم كان من الأسماء الإلهية بهذا اللفظ و غيره فإن اللّٰه يقال فيه إنه أعظم و أكرم و أجل و أعلى و أرحم و أسرع و أحسن و أحكم و أمثال ذلك مما لا يحصى كثرة أ لا ترى إلى المشركين لما قالوا أعل هبل أعل هبل و هبل اسم صنم كان يعبد في الجاهلية و هو الحجر الذي يطئوه الناس في العتبة السفلي في باب بنى شيبة هو مكبوب على وجهه «فقال النبي ﷺ لأصحابه لما سمع المشركين يقولون ذلك قولوا» اللّٰه أعلى و أجل يعني بالمفاضلة عندهم في اعتقادهم فساقه في معرض الحجة عليهم لأن النبي ﷺ ما دعاهم إلا إلى الايمان بالله الذي هو عندهم و في اعتقادهم أعلى و أجل من هبل و من سائر الآلهة بما قالوه عن نفوسهم فقالوا ﴿مٰا نَعْبُدُهُمْ إِلاّٰ لِيُقَرِّبُونٰا إِلَى اللّٰهِ زُلْفىٰ﴾ [الزمر:3] فاتخذوهم حجبة فالله أعلى و أجل من هبل عندهم فكان ذلك تنبيها من رسول اللّٰه ﷺ للمشركين فإنه في نفس الأمر ليس هبل بإله حتى يكون اللّٰه أعلى و أجل في الألوهة من هبل و لو قالها رسول اللّٰه ﷺ على طريق المفاضلة في نفس الأمر لكان تقريرا منه ﷺ لألوهة هبل إلا إن اللّٰه أعلى منه و أجل في الألوهة و هذا محال على النبي ﷺ و على كل عالم أن يعتقده لأنه الجهل المحض على كل وجه فهذه أيضا مفاضلة مقررة شرعية في قولك اللّٰه أكبر فصاحب هذا الهجير بطريق المفاضلة يطالعه الحق بسريان هويته في جميع الخلق مثل «قوله في الصحيح إن اللّٰه قال على لسان عبده سمع اللّٰه لمن حمده» و «قوله كنت سمعه و بصره و يده و رجله» إلى غير ذلك و «قوله فبي يسمع و بي يبصر» و لكن نسبة القول إليه دون نسبة القول إليه بلسان عبده أعلى من نسبة القول إليه بلسان الخلق فهو أكبر في ذاته من كبريائه في خلقه فاعلم ذلك فنقول عند ذلك اللّٰه أكبر مفاضلة إذ لم يخرج عنه كأنه يقول ذكرك نفسك أعظم و أكبر من ذكري إياك  | 
	
	
  | 
	|||||||||
![]()  | 
	![]()  | 
	|||||||||
| الفتوحات 
	المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.  | 
	||||||||||
    




