الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
الدائم كلامه في الجمع و الوجود و علم المزيد إذا رأى شبهة في أحد تحول بينه و بين العلم أزالها حتى يتبين لصاحبها صورة الحق في ذلك الأمر له ستمائة مفتاح مقام في كل مقام من العلوم ما شاء اللّٰه له علم الامتزاج و التركيب الاعتدالي لا يعرف الانحراف و لا النقص و لا الزيادة مسكنه بقبة أرين منقطع عن الخلق إلا من شاء اللّٰه عاش طيبا مع اللّٰه إلى أن توفاه اللّٰه و كان من الأوتاد أيضا فانتقل إلى القطبية يقول إن الوجود وجود الحق و إن الجمع جمع الحق صفات القدم و الحدوث و هو علم غريب في الجمع ما رأيت من يقول به من أهل اللّٰه غير هذا القطب فإني شاهدت هؤلاء الأقطاب أشهدنيهم الحق و إن كانوا قد درجوا من الدنيا و هو العلم الذي وردت به الشرائع في جانب الحق فنقول ذلك هو الجمع و عنده إن المحدث صاحب دعوى في تلك الصفات المسماة محدثة و لأجل دعواه قلنا إنه جمع و إلا فالأمر واحد كلها صفات قدم في القديم و محدثة في المحدث لظهورها فيه و لم تكن ظاهرة فحدثت عند المتصف بها كما قال ﴿مٰا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ﴾ [الأنبياء:2] و ليس إلا كلام اللّٰه القديم فجمعنا عليه ما له مع نسبته إلينا فسمي من فعل ذلك صاحب جمع و وجود فمحكوم حكم الممكنات وجود الحق لا غيره فمن فهم الجمع هكذا علم الأمور كيف هيه من دري الجمع هكذا *** علم الأمر كيف هو فهو الحق لا سواه *** فلا تسمعنه [القطب الخامس الذي على قدم داود ع]و أما القطب الخامس الذي على قدم داود عليه السّلام فسورته من القرآن ﴿إِذٰا زُلْزِلَتِ﴾ [الزلزلة:1] و لها نصف القرآن و منازله بعدد آيها و حاله التفرقة و له مقام المحبة فهو معلول للحب فداؤه دواؤه و ما له علم يتقدم فيه على غيره إلا علم ثبوت المحبة الإلهية و الكونية و لهذا كان في مقام التفرقة و كان من الأئمة فنقل إلى القطبية يقول هذا القطب إن الحب ما ثبت و كل حب يزول فليس بحب أو يتغير فليس بحب لأن سلطان الحب أعظم من أن يزيله شيء حتى إن الغفلة التي هي أعظم سلطان تحكم على الإنسان لا يتمكن لها أن تزيل الحب من المحب يتمكن عنده إن يغفل الإنسان عن نفسه بمحبوبه و لا يتمكن للمحب أن يغفل بأحد عن محبوبه فذلك هو المحب و ذلك هو الحب فداء المحبة ما لا يزول *** و إن الشفاء له مستحيل فلا تركنن إلى غير ذا *** و لا تصغين إلى ما يقول فبحب اللّٰه أحببنا اللّٰه و حب الحق لا يتغير فحب الكون لا يتغير فقيل له فحب الكون الكون هل يتغير قال لا لأن الكون محبوب لذاته و المحبة الذاتية لا يمكن زوالها قيل له فقد رأينا من تستحيل مودته فقال تلك إرادة ما هي محبة إذ لو كانت محبة ثبتت أ لا تراها تسمى ودا لثبوتها و ثبوت حكمها و ذلك أنه ما في المحب لغير محبوبه فضلة من ذاته يتمكن للمزيل أن يدخل عليه منها هذا سبب ثبوتها فإنه يشاهد عين محبوبه في كل شيء يشهده فلا يفقده فلو صح للمحب أن يشهد غير محبوبه في عين ما لدخل عليه من ذلك ما يزيل حبه و هذا ليس بواقع في الحب فالتبس علي من هذه حالته حكم الإرادة بحكم الحب و ما كل مريد محب و كل محب مريد و ما كل مراد محبوب و كل محبوب مراد فمقام هذا القطب ما ذكرناه و شأنه عجيب و تفصيل حاله يطول و مذهبنا الاختصار [القطب السادس الذي على قدم سليمان ع]و أما القطب السادس الذي على قدم سليمان عليه السّلام فسورته الواقعة و لها الحياة الدائمة و منازله بعدد آيها اختص بعلم الحياة و الحيوان لا يأخذ حالا من أحواله إلا عن ربه فأحواله أحوال ربه هداه هدى الأنبياء كما أمر اللّٰه نبيه ﷺ لما ذكر له الأنبياء عليه السّلام قال ﴿أُولٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّٰهُ فَبِهُدٰاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام:90] و ما قال فبهم اقتده فعلمنا إن محمدا مساو لجميع من ذكره من الأنبياء و من لم يذكره فإنه لكل نبي هدى كما ذكر ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنٰا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهٰاجاً﴾ [المائدة:48] فهو سبحانه نصب الشرائع و أوضح المناهج و جمع ذلك كله في محمد ﷺ فمن رآه فقد رأى جميع المقربين و من اهتدى بهديه فقد اهتدى بهدى جميع النبيين و ما على اللّٰه بمستنكر *** أن يجمع العالم في واحد و أعني بقولي إن أحوال هذا القطب أحوال ربه ما قال الحق عن نفسه من أنه كل يوم في شأن فهذا عبارة عن اختلاف الأحوال فهو من القوم الذين يشاهدون الحق في شئونه فينظرون إلى ما له من الشئون فيهم فيتلبسون بها منه فهم من أحوالهم على بصيرة فمن هذه حاله ما هو مثل من حاله التخلق بالأسماء الإلهية بل لهذا ذوق و لهذا ذوق فمثل هذا الرجل |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
||||||||||





