﴿مٰا نَعْبُدُهُمْ إِلاّٰ لِيُقَرِّبُونٰا إِلَى اللّٰهِ زُلْفىٰ﴾ [الزمر:3] فنسبوا الكبر له تعالى على آلهتهم فقال إبراهيم ع ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ﴾ [الأنبياء:63] و هنا الوقف و يبتدئ هذا ﴿فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كٰانُوا يَنْطِقُونَ﴾ فلو نطقوا لاعترفوا بأنهم عبيد و أن اللّٰه هو الكبير العلي العظيم الحفيظ بكونه بكل شيء محيط فاحتاط بالأشياء ليحفظ عليها وجودها فإنها قابلة للعلم كما هي قابلة للوجود فمن شاء سبحانه أن يوجده فأوجده حفظ عليه وجوده و من لم يشأ أن يوجد و شاء أن يبقيه في العدم حفظ عليه العدم فلا يوجد ما دام يحفظ عليه العدم فأما أن يحفظه دائما أو إلى أجل مسمى المقيت بما قدر في الأرض من الأقوات و بما أوحى في السماء من الأمور فهو سبحانه يعطي قوت كل متقوت على مقدار معلوم الحسيب إذا عدد عليك نعمه ليريك منته عليك لما كفرت بها فلم يؤاخذك لحلمه و كرمه و بما هو كافيك عن كل شيء لا إله إلا هو العليم الحكيم الجليل لكونه عز فلم تدركه الأبصار و لا البصائر فعلا و نزل بحيث إنه مع عباده أينما كانوا كما يليق بجلاله لي أن بلغ في نزوله أن «قال لعبده مرضت فلم تعدني و جعت فلم تطعمني و ظمئت فلم تسقني» فأنزل نفسه من عباده منزلة عباده من عباده فهذا من حكم هذا الاسم الإلهي الرقيب لما هو عليه من لزوم الحفظ لخلقه فإن ذلك لا يثقله و ليعلم عباده أنه إذا راقبهم يستحيون منه فلا يراهم حيث نهاهم و لا يفقدهم حيث أمرهم المجيب من دعاه لقربه و سماعه دعا عباده كما أخبر عن نفسه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية