الحزن مركبه صعب و غايته *** ذهابه فولى اللّٰه من حزنا
قلب الحزين هنا تقوى قواعده *** هناك و الغرض المقصود منك هنا
دار التكاليف دار ما بها فرح *** فالله ليس يحب الفارح اللسنا
[الحزن مشتق من الحزن و هو الوعر الصعب و لا يكون إلا على فائت]
الحزن مشتق من الحزن و هو الوعر الصعب و الحزونة في الرجل صعوبة أخلاقه و الحزن لا يكون إلا على فائت و الفائت الماضي لا يرجع لكن يرجع المثل فإذا رجع ذكر بذاته من قام به مثله الذي فات و مضى فأعقب هذا التذكر حزنا في قلب العبد و لا سيما فيمن يطلب مراعاة الأنفاس و هي صعبة المنال لا تحصل إلا لأهل الشهود من الرجال و ليس في الوسع الإمكانى تحصيل جملة الأمر فلا بد من فوت فلا بد من حزن
[نشأة الإنسان هي نشأة غفلة ما هي نشأة حضور إلا بتعمل و استحضار]
و هذه الدار و هذه النشأة نشأة غفلة ما هي نشأة حضور إلا بتعمل و استحضار بخلاف نشأة الآخرة فطلب منا أن ننشئ نفوسنا في هذه الدار نشأة أخرى يكون لها الحضور لا الاستحضار فهل ما طلب منا نعجز عنه أو لا نعجز و محال أن يطلب منا ما لم يجعل فينا قوة الإتيان به و يمكننا من ذلك فإنه حكيم و قد أعطانا في نفس هذا الطلب علمنا بأن فينا قوة ربانية و لكن من حيث أنا مظهر لها أكسبناها قصورا عما تستحقه من المضاء في كل ممكن فطلبنا المعونة منه فشرع لنا أن نقول ﴿وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة:5] و لا حول و لا قوة إلا بالله فمن كان هذا مشهده فلا يزال حزنه دائما أبدا
[مقام الحزن مستصحب للعبد ما دام مكلفا و في الآخرة ما لم يدخل الجنة]
و هو مقام مستصحب للعبد ما دام مكلفا و في الآخرة ما لم يدخل الجنة فإن في الآخرة لهم حزن التغابن لا حزن الفزع الأكبر و الخوف يرتفع عنهم مطلقا إلا أن يكونوا متبوعين فإن الخوف يبقى عليهم على الاتباع كالرسل فالحزن إذا فقد من القلب في الدنيا خرب لحصول ضده إذ لا يخلو و الدار لا تعطي الفرح لما فيه من نفي المحبة الإلهية عمن قام به و ما يزيل الحزن إلا العلم خاصة و هو قوله ﴿فَبِذٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس:58]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية