و لهذا عظم ابتلاء النفوس و البلاء المحسوس في الأمثال من الناس كالأنبياء و ﴿اَلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النّٰاسِ﴾ [آل عمران:21] من رد الحق في وجوههم و ما يسمعون من الكفرة مما يتأذون به في نفوسهم و قد أخبر اللّٰه بذلك و كذلك ما سلط عليهم من القتل و الضرب كل ذلك من إنفاذ الوعيد لخطرات و حركات تقتضيها البشرية و الطبع مما لا يليق بالمنصب الذي هم فيه لكن هو لائق بالبشر و من هنا يعرف قول اللّٰه تعالى لرسوله صلى اللّٰه عليه و سلم ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مٰا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح:2] فقد قرر الذنب و أوقع المغفرة و أفهم من ذلك عباده أنه لا يعاقبهم في الآخرة و ما علق المغفرة بالدنيا لما فيها من الآلام و الأمراض النفسية و الحسية و هو عين إنفاذ الوعيد في حقهم و يصح قول المعتزلي في هذه المسألة مسألة إيلام البريء فإن الأشعري يجوز ذلك على اللّٰه و لكن ما كل جائز واقع و كل ما يحتجون به على المعتزلة فليس هو بذلك الطائل و الانفصال عنه سهل و ليس هذا الكتاب موضع إيراد هذا العلم
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية