و يريد به الفعل في موضع مثل قوله ﴿مٰا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمٰاوٰاتِ﴾ [الكهف:51] و هنا يريد به الفعل بلا شك لأنه ليس لمخلوق فعل أصلا فما فيه حقيقة من ذاته يشهد بها فعل اللّٰه لأن المخلوق لا فعل له و لا يشهد من اللّٰه إلا ما هو عليه في نفسه و قد يرد الخلق و يراد به المخلوق كما قررنا لا الفعل فلهذا جعلنا قوله ﴿وَ هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ أنه يريد به هنا الفعل لا المخلوق فإن عين المخلوق ما زالت من الوجود و أعني به الذات القائمة بنفسها و إنما انتقلت من الدنيا إلى البرزخ كما تنتقل من البرزخ إلى الحشر إلى الجنة أو إلى النار و هي هي من حيث جوهرها لا إنها عدمت ثم وجدت فتكون الإعادة في حقها فهو انتقال من وجود إلى وجود من مقام إلى مقام من دار إلى دار لأن النشأة التي تخلق عليها في الآخرة ما تشبه نشأة الدنيا إلا في اسم النشء فنشأة الآخرة ابتداء فلو عادت هذه النشأة لعاد حكمها معها لأن حكم كل نشأة لعينها و حكمها لا يعود فلا تعود و الجوهر عينه لا غيره موجود من حين خلقه اللّٰه لم ينعدم فإن اللّٰه يحفظ عليه وجوده بما يخلق فيه مما به بقاؤه فالإعادة إنما هي في كون الحق يعود إلى الإيجاد بالنظر إلى حكم ما فرغ من إيجاده من هذا المخلوق ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنٰاهُ خَلْقاً آخَرَ﴾ [المؤمنون:14]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية