و غير ذلك من أعضائه و قواه الحديث و هو سبحانه الغني لذاته الغناء الذي لا يمكن إزالته عنه فإذا قام العبد في هذا المقام فقد أعطاه صفة الغناء عنه و عن كل شيء لأن هويته هي أعيان قوى هذا العبد و ليس ذلك في تقاسيم العطاء إلا للإيثار فقد آثر عبده بما هو لهويته قال تعالى ﴿وَ يُؤْثِرُونَ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كٰانَ بِهِمْ خَصٰاصَةٌ﴾ [الحشر:9] بل بهم خصاصة و لما كان عطاء الإيثار فضلا يرجع على المعطي كان الحق أولى بصفة الفضل فعطاء الإيثار أحق في حق الحق و أتم في حق العبد و هذا من علوم الأسرار التي لا يمكن بسط التعريف فيها إلا بالإيماء لأهلها أشجعهم للعمل عليها فإنهم في غاية من الخوف لقبولها فكيف للاتصاف بها و باقي الأسماء هينه الخطب نشء صورة الركعة السادسة من الوتر انتشا منها رجل من رجال اللّٰه يقال له عبد المؤمن
[أن الايمان نعت إلهى]
اعلم أن الايمان إذا كان نعتا إلهيا فهو ما يظهر من الدلالات كلها على وجه صحة ما يدعيه المدعي أي مدع كان على ما كان من غير تعيين بشرط أن يكون دليلا في نفس الأمر كما يشهد له الحس إن كان الدليل محسوسا حتى لو أعطى العلم الضروري بصدق هذه الدعوى في نفس الحاكم لكان ذلك العلم الضروري عين الدليل على صدق دعوى هذا المدعي فناصب هذه الدلالات هو المصدق لصاحب هذه الدعوى فإذا صدقه من صدقه و حصل العلم بذلك في نفس من حصل عنده كان ذلك لشخص الحاصل عنده هذا الدليل مصدقا صاحب هذه الدعوى و عاد التصديق كونيا أي في الخلق كما هو في الحق فكان صاحب الدعوى بين مصدقين محصورا من أي جهة التفت لم يجد إلا مصدقا بما جاء به في دعواه فأعطاه هذا الحال الأمان في نفسه من تكذيبه من هذين الطرفين و لو جحد الكون فإنه متيقن في نفسه صدق هذا المدعي و ليس المراد إلا ذلك أعني حصول العلم بصدقه فبصورة هذه الركعة سرى التصديق في عالم الإنس و الجان في بواطنهم و ذلك حين وقعت منه هذه الركعة في باطن الأمر إذ كان نبيا و آدم بين الماء و الطين فلم يزل تسري روحا مجردا في كل مصدق حتى ركعها ﷺ بصورة جسمه فتجسدت و ليس ذلك الروح من فعله صورة جسدية لأنها من حركات محسوسة فكان فعلها أقوى عندنا للجمع بين الصورتين كما كان تأثيره ﷺ بظهور جسمه أقوى في بعثه منه إذ كان نبيا و آدم بين الماء و الطين فإنه نسخ بصورة بعثته جميع الشرائع كلها و لم يبق لشريعة حكم سوى ما أبقى هو منها من حيث هي شرع له لا من حيث ما هي شرع فقط نشء صورة الركعة السابعة من الوتر انتشا منها رجل من رجال اللّٰه يقال له عبد الرحيم اعلم أن الرحمة في عين القادر على إظهار حكمها تعود عذابا أليما على من قامت به لأنها من ذاتها تطلب التعدي إلى المرحوم و إظهار أثرها بالفعل فيه فإذا قامت بالقادر على تنفيذها في المرحوم كان لها أثر إن أثر في الراحم و هو ما زال عنه من الألم بحصول أثرها في المرحوم فالراحم مرحوم بها من حيث قدرته على تنفيذها و الذي نفذت فيه مرحوم أيضا بها و بقدرة الراحم على تنفيذها فأثرها فيه من وجهين و الأثر إزالة ما أدى الراحم لتعلق الرحمة بذلك المرحوم فما كل رحمة تكون نعيما إلا إذا كان الراحم قادرا على تنفيذها فللرحمة تجل في صورة العذاب في حق الراحم الذي نفيت عنه الاقتدار و لها تجل في صورة النعيم في حق الراحم و المرحوم إذا كانت في قادر على تنفيذها فقد قلبت الصورتين المتقابلتين و هذا من أعجب الأمور إن الرحمة تنتج ألما و عذابا فلو لم تقم الرحمة به لم يتصف بالألم هذا الذي لا اقتدار له ثم الذي في المسألة من العجب العجاب أن الرحمة القائمة بالموصوف بنفوذ الاقتدار قد يكون له مانع من تنفيذها من ذاته فيقوم به ألم الكراهة و ذلك حكم ذلك المانع من كونه متصفا بالاقتدار على تنفيذها و هذه المسألة من أصعب المسائل في العلم الإلهي و ظهر حكم ذلك في الصحيح من الأخبار الإلهية عن نفسه تعالى عز و جل
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية