[أكابر الرجال لا يحسبون نفوسهم عن الشكوى إلى اللّٰه]
قال بعضهم و قد بكى حين أخذه الجوع إنما جوعني لأبكي فهو يبكي له و عليه فإن أكابر الرجال لا يحبسون نفوسهم عن الشكوى إلى اللّٰه فإذا مدح اللّٰه الصابرين فهم الذين حبسوا نفوسهم عن الشكوى لغير اللّٰه و هذا مذهب الأكابر أ لا ترى سمنون لما أساء الأدب مع اللّٰه و أراد أن يقاوم القدرة الإلهية لما وجد في نفسه من حكم الرضي و الصبر قال
و ليس لي في سواك حظ *** فكيف ما شئت فاختبرني
فابتلاه اللّٰه بعسر البول و النفس مجبولة على طلب حظها من العافية و لما سأل هذا كان في حكم حال العافية فلما سلبها بهذا البلاء طلبتها النفس بما جبلت عليه
[النفس مجبولة على طلب حظها من العافية]
و قد ذكرنا ذلك في صفات النفس و أن اللّٰه عين لها مصارف لما علمه من أنها لا تنعدم إذ لو انعدمت لانعدمت النفس فهو وصف ذاتي لها أ لا ترى إلى عالم العلماء و حاكم الحكماء كيف كان سؤاله العافية و أمر بها «فقال إذا سألتم اللّٰه فاسألوه العافية فإن كنتم أهل بلاء فقد سألتم العافية و إن كنتم أهل عافية فقد سألتم دوامها» و هي مشتقة من عفي الأثر إذا ذهب فالعافية ذهاب أثر البلاء ممن قام به
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية