الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() إلا اللّٰه و هذه حالة أهل اللّٰه «قيل لرسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من أولياء اللّٰه قال الذين إذا رأوا ذكر اللّٰه» أي لتحققهم بالله يغيبون به عنهم و عن عيون الخلق فإذا رآهم الناس لم يروا غير اللّٰه فتذكرهم بالله رؤيتهم مثل الآيات المذكرات و هذا هو المقام الذي «سأله رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في دعائه و اجعلني نورا» فأجاب اللّٰه تعالى دعاءه فأخبرنا أنه بعثه إلى الناس ﴿بَشِيراً وَ نَذِيراً﴾ [البقرة:119] و ﴿دٰاعِياً إِلَى اللّٰهِ بِإِذْنِهِ وَ سِرٰاجاً مُنِيراً﴾ [الأحزاب:46] فجعله نورا كما سأل فإن «قوله لربه و اجعلني نورا» فأكون بذاتي عين الاسم الإلهي النور و من كان الحق سمعه و بصره و لسانه و يده و رجله و لا ينطق عن الهوى فما هو هو و ما بقي لمن يراه ما يرى إلا اللّٰه عرف ذلك الرائي أو لم يعرفه هكذا يشاهدونه أهل العلم بالله [الخلفاء يظهرون في العالم بصورة من استخلفهم]من المؤمنين الخلفاء يظهر في العالم و السوقة بصفات من استخلفها قالت بلقيس في عرشها ﴿كَأَنَّهُ هُوَ﴾ [النمل:42] و ما كان إلا هو و لكن حجبها بعد المسافة و حكم العادة و جهلها بقدر سليمان عليه السلام عند ربه فهذا حجبها أن تقول هو هو فقالت ﴿كَأَنَّهُ هُوَ﴾ [النمل:42] و أي مسافة أبعد من ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] ممن مثله أشياء قال الكامل صلى اللّٰه عليه و سلم إنما أنا بشر مثلكم عن أمر اللّٰه قيل له قل فقال ﴿قُلْ إِنَّمٰا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ [الكهف:110] و بهذا علمنا أنه عن أمر اللّٰه لأنه نقل الأمر لنا كما نقل المأمور و كان هذا القول دواء للمرض الذي قام بمن عبد عيسى عليه السلام من أمته فقالوا ﴿إِنَّ اللّٰهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [المائدة:17] و فاتهم علم كثير حيث قالوا ابن مريم و ما شعروا و لهذا قال اللّٰه تعالى في إقامة الحجة على من هذه صفته ﴿قُلْ سَمُّوهُمْ﴾ [الرعد:33] فما يسمونهم إلا بما يعرفون به من الأسماء حتى يعقل عنهم ما يريدون فإذا سموهم تبين في نفس الاسم أنه ليس الذي طلب منهم الرسول المبعوث إليهم أن يعبدوه [من هو عين الأكوان و الأعيان]و إنما قلنا هو هو لما يعطيه الكشف الصحيح في الخصوص و الايمان الصريح في العموم كما «ورد به الخبر النبوي الإلهي من أن اللّٰه إذا أحب عبده كان سمعه و بصره» و ذكر قواه و جوارحه و الإنسان ليس غير هذه الأمور المذكورة الذي جعل الحق هويته عينها فإن كنت مؤمنا عرفت بمن أنت و إن كنت صاحب شهود صحيح عرفت من شاهدت و أكثر من هذا البيان النبوي عن اللّٰه ما يكون في قوة الإنسان حتى يكون المؤمن صاحب حال عيان فيعرف عند ذلك من هو عين هذه الأكوان و الأعيان (وصل في فصل زيارة المعتكف في معتكفه المقيم مع اللّٰه من حيث اسم ما تطلبه أسماء أخر إلهية في أعيان أكوان |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |