الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() المؤمنين موجودتان خطا غير ملفوظ بهما نطقا و إنما الألف الموصولة التي تقع بعد الحرف مثل لام هاء حاء و شبهها فإنه لو لا وجودها ما كان المد لواحد من هذه الحروف فمدها هو سر الاستمداد الذي وقع به إيجاد الصفات في محل الحروف و لهذا لا يكون المد إلا بالوصل فإذا وصل الحرف بالألف من اسمه الآخر امتد الألف بوجود الحرف الموصول به و لما وجد الحرف الموصول به افتقر إلى الصفة الرحمانية فأعطى حركة الفتح التي هي الفتحة فلما أعطيها طلب منه الشكر عليها فقال و كيف يكون الشكر عليها قيل له إن تعلم السامعين بأن وجودك و وجود صفتك لم يكن بنفسك و إنما كان من ذات القديم تعالى فاذكره عند ذكرك نفسك فقد جعلك بصفة الرحمة خاصة دليلا عليه و لهذا قال إن اللّٰه خلق آدم على صورة الرحمن فنطقت بالثناء على موجدها فقالت لام ياء هاء حاء طاء فأظهرت نطقا ما خفي خطا لأن الألف التي في ﴿طه﴾ [البقرة:25] و ﴿حم﴾ [الفاتحة:1] و ﴿طس﴾ [الشعراء:1] موجودة نطقا خفيت خطا لدلالة الصفة عليها و هي الفتحة صفة افتتاح الوجود فإن قال و كذلك نجد المد في الواو المضموم ما قبلها و الياء المكسور ما قبلها فهي أيضا ثلاث ذوات فكيف يكون هذا و ما ثم إلا ذات واحدة فنقول نعم أما المد الموجود في الواو المضموم ما قبلها فهي مثل ن و القلم و الياء المكسور ما قبلها مثل الياء من ﴿طس﴾ [الشعراء:1] و ياء الميم من ﴿حم﴾ [الفاتحة:1] فمن حيث إن اللّٰه تعالى جعلهما حرفي علة و كل علة تستدعي معلولها بحقيقتها و إذا استدعت ذلك فلا بد من سر بينهما يقع به الاستمداد و الإمداد فلهذا أعطيت المد و ذلك لما أودع الرسول الملكي الوحي لو لم يكن بينه و بين الملقي إليه نسبة ما ما قبل شيئا لكنه خفي عنه ذلك فلما حصل له الوحي و مقامه الواو لأنه روحاني علوي و الرفع يعطي العلو و هو باب الواو المعتلة فعبرنا عنه بالرسول الملكي الروحاني جبريل كان أو غيره من الملائكة و لما أودع الرسول البشري ما أودع من أسرار التوحيد و الشرائع أعطى من الاستمداد و الإمداد الذي يمد به عالم التركيب و خفي عنه سر الاستمداد و لذلك قال ﴿مٰا أَدْرِي مٰا يُفْعَلُ بِي وَ لاٰ بِكُمْ﴾ [الأحقاف:9] و قال ﴿إِنَّمٰا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ [الكهف:110] و لما كان موجودا في العالم السفلي عالم الجسم و التركيب أعطيناه الياء المكسور ما قبلها المعتلة و هي من حروف الخفض فلما كانا علتين لوجود الأسرار الإلهية من توحيد و شرع و هبا سر الاستمداد فلذلك مدتا و أما الفرق الذي بينهما و بين الألف فإن الواو و الياء قد يسلبان عن هذا المقام فيحركان بجميع الحركات كقوله ﴿وَ وَجَدَكَ﴾ [الضحى:7] و تؤوي و ولوا الأدبار ينأون يغنيه ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ﴾ [الزمر:30] و قد يسكنان بالسكون الحي كقوله ﴿وَ مٰا هُوَ بِمَيِّتٍ﴾ [ابراهيم:17] و ﴿يَنْأَوْنَ﴾ [الأنعام:26] و شبههما و الألف لا تحرك أبدا و لا يوجد ما قبلها أبدا إلا مفتوحا فاذن فلا نسبة بين الألف و بين الواو و الياء فمهما حركت الواو و الياء فإن ذلك مقامها و من صفاتها و مهما ألحقتا بالألف في العلية فذلك ليس من ذاتها و إنما ذلك من جانب القديم سبحانه لا يحتمل الحركة و لا يقبلها و لكن ذلك من صفة المقام و حقيقته الذي نزلت به الواو و الياء فمدلول الألف قديم و الواو و الياء محركتان كانتا أو لا محركتان فهما حادثان فإذا ثبت هذا فكل ألف أو واو أو ياء ارتقمت أو حصل النطق بها فإنما هي دليل و كل دليل محدث يستدعي محدثا و المحدث لا يحصره الرقم و لا النطق إنما هو غيب ظاهر و كذلك يس و ن فنجده نطقا و هو ظهوره و لا نجده رقما و هو غيبه و هذا سبب حصول العلم بوجود الخالق لا بذاته بوجود ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] لا بذاته و اعلم أيها المتلقي أنه كل ما دخل تحت الحصر فهو مبدع أو مخلوق و هو محلك فلا تطلب الحق لا من داخل و لا من خارج إذ الدخول و الخروج من صفات الحدوث فانظر الكل في الكل تجد الكل فالعرش مجموع و الكرسي مفروق يا طالبا لوجود الحق يدركه *** ارجع لذاتك فيك الحق فالتزم ﴿اِرْجِعُوا وَرٰاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً﴾ [الحديد:13] فلو لم يرجعوا لوجدوا النور فلما رجعوا باعتقاد القطع ضرب بينهم بالسور و إلا لو عرفوا من ناداهم بقوله ﴿اِرْجِعُوا وَرٰاءَكُمْ﴾ [الحديد:13] لقالوا أنت مطلوبنا و لم يرجعوا فكان رجوعهم سبب ضرب السور بينهم فبدت جهنم ﴿فَكُبْكِبُوا فِيهٰا هُمْ وَ الْغٰاوُونَ﴾ [الشعراء:94] و بقي الموحدون يمدون أهل الجنان بالولدان و الحور الحسان من حضرة العيان فالوزير محل صفات الأمير و الصفة التي انفرد بها الأمير وحده هي سر التدبير الذي خرجت عنه الصفات فعلم ما يصدر له من صفته و فعله جملة و لم يعلم ذلك الوزير إلا تفصيلا و هذا هو الفرق فتأمل ما قلناه تجد الحق إن شاء اللّٰه فإذا تبين هذا و تقرر أن الألف هي ذات الكلمة و اللام ذات عين الصفة و الميم عين الفعل و سرهم الخفي هو الموجد إياهم «وصل» [تتمة الكلام على الم ذلك الكتاب من طريق الاسرار]id="p386" class=" G" /> |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |