الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() غير الاسم الذي هو الحاكم فيه الآن زال الحكم و وليه الذي يطلبه للاستعداد و نظيره إذا خامر أهل بلد على سلطانهم فجاءوا بسلطان غيره لم يكن للأول مساعد فيزول عن حكمه و يرجع الحكم الذي طلبه الاستعداد فالحكم أبدا إنما هو للاستعداد و الاسم الإلهي المعد لا يبرح حكمه دائما لا ينعزل و لا يصح المخامرة من أهل البلد عليه فهو لا يفارقه في حياة و لا موت و لا جمع و لا تفرقة و يساعده الاسم الإلهي الحفيظ و القوي و أخواتهما فاعلم ذلك [حديث من ذرعه القيء و هو صائم]«ثبت أن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم احتجم و هو صائم خرجه البخاري عن ابن عباس» و «خرج أبو داود عن أبي هريرة قال قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من ذرعه القيء و هو صائم فليس عليه القضاء و إن استقاء فليقض» رواة هذا الحديث كلهم ثقات (وصل في فصل النية)فمنهم من رأى النية شرطا في صحة الصيام و هو الجمهور و منهم من قال لا يحتاج رمضان إلى نية إلا أن يكون الذي يدركه صوم رمضان مريضا أو مسافرا فيريد الصوم (وصل في الاعتبار فيه)النية القصد و شهر رمضان لا يأتي بحكم القصد من الإنسان الصائم فمن راعى أن الصوم لله لا للعبد قال بالنية في الصوم فإنه ما جاء شهر رمضان إلا بإرادة الحق من الاسم الإلهي رمضان و النية إرادة بلا شك و من راعى أن الحكم للوارد و هو شهر رمضان فسواء نواه الصائم الإنساني أو لم ينوه فإن حكمه الصوم فليست النية شرطا في صحة صومه فإن لم يجب عليه و خيره مع كونه ورد كالمريض و المسافر صار حكمهما بين أمرين على التخيير فلا يمكن أن يعدل إلى أحد الأمرين إلا بقصد منه و هو النية (وصل في فصل من هذا الفصل و هو تعيين النية المجزئة في ذلك)فمن قائل لا بد في ذلك من تعيين صوم رمضان و لا يكفيه اعتقاد الصوم مطلقا و لا اعتقاد صوم معين غير صوم رمضان و من قائل إن أطلق الصوم أجزأه و كذلك إن نوى فيه غير صيام رمضان أجزأه و انقلب إلى صيام رمضان إلا أن يكون مسافرا فإن للمسافر عنده أن ينوي صيام غير رمضان في رمضان و من قائل إن كل صوم نوى في رمضان انقلب إلى رمضان المسافر و الحاضر في ذلك على السواء (وصل الاعتبار فيه)قال تعالى ﴿قُلِ ادْعُوا اللّٰهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمٰنَ أَيًّا مٰا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ﴾ [الإسراء:110] فالحكم للمدعو بالأسماء الإلهية لا للأسماء فإنها و إن تفرقت معانيها و تميزت فإن لها دلالة على ذات معينة في الجملة و في نفس الأمر و إن لم تعلم و لا يدركها حد فإنه لا يقدح ذلك في إدراكنا و علمنا أن ثم ذاتا ينطلق عليها هذه الأسماء كذلك الصوم هو المطلوب سواء كان مندوبا أو واجبا على كثرة تقاسيم الوجوب فيه [الأسماء الإلهية دالة على ذات واحدة و صفات كثيرة]و من راعى الاسم الإلهي رمضان فرق بينه و بين غيره فإن غيره هو من الاسم الممسك لا من اسم رمضان و الأسماء الإلهية و إن دلت على ذات واحدة فإنها تتميز في أنفسها من طريقين الواحد من اختلاف ألفاظها و الثاني من اختلاف معانيها و إن تقاربت غاية القرب و تشابهت غاية الشبه و أسماء المقابلة في غاية البعد كالضار و النافع و المعز و المذل و المحيي و المميت و الهادي و المضل فلا بد من مراعاة حكم ما تدل عليه من المعاني و بهذا يتميز العالم من الجاهل و ما أتى الحق بها متعددة إلا لمراعاة ما تدل عليه من المعاني و مراعاة قصد الحق تعالى في ذلك أولى من غيره فلا بد من التعيين لحصول الفائدة المطلوبة بذلك اللفظ المعين دون غيره من تركيبات الألفاظ التي هي الكلمات الإلهية [الأحكام تتبع الأحوال]و من اعتبر حال المكلف و هو الذي فرق بين المسافر و الحاضر و له في التفرقة وجه صحيح لأن الحكم يتبع الأحوال فيراعي المضطر و غير المضطر و المريض و غير المريض و كذلك الأسماء تراعي أيضا فيراعي اسم الخمر إذا تخللت من اسم الخل فيتغير الحكم الإلهي في هذا الجسم المعين بتغير الأسماء كما تغيرت الأسماء في بعض الأشياء لتغير الأحوال إذ كان التغيير في ذلك الحكم اسم إلهي أوجب له تغيير الاسم فتغير الحكم [الأسماء الإلهية لها التحكيم لا الحكم في الأشياء]الحكم للمدعو بالأسماء *** ما الحكم للأسماء في الأشياء لكن لها التحكيم في تصريفها *** فيه كمثل الحكم للأنواء في الزهر و الأشجار في أمطارها *** وقتا و في الأشياء كالأنداء لعبت بها الأرواح في تصريفها *** كتلاعب الأفعال بالأسماء |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |