الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() و ما لا يماثل هو الكامل على الحقيقة و الصائمون من العارفين هنا دخلوه و هناك يدخلون منه على علم من الخلائق أجمعين [مباحث الصوم و مسائله إجمالا]فلنذكر إن شاء اللّٰه في هذا الباب أحكام الصوم المشروع و توابعه و لواحقه و أنواعه و واجبة و مندوبة كما ذكرنا فيما تقدم من أخواته من زكاة و صلاة في العموم و الخصوص على طبقاتهم في ذلك و له عندنا مراتب أولها الصوم العام المعروف الذي تعبدنا اللّٰه به و هو الصوم الظاهر في الشاهد على تمام شروطه فإذا فرغنا من الكلام على أحكام المسألة التي نوردها في ذلك انتقلنا إلى الكلام بلسان الخواص و خلاصتهم على صوم النفس بما هي آمرة للجوارح و هو إمساكها عما حجر عليها في مسألة مسألة و ارتفاعها عن ذلك و على صوم القلب الموصوف بالسعة للنزول الإلهي حيث «قال تعالى وسعني قلب عبدي» فنتكلم على صومه و هو إمساكه هذه السعة أن يعمرها أحد غير خالقه فإن عمرها أحد غير خالقه فقد أفطر في الزمان الذي يجب أن يكون فيه صائما إيثارا لربه مسألة مسألة و الكلام على جملة المفطرات في نوع كل صوم على الاختصار و التقريب فإنه باب يطول و سأورد في هذا الباب من الأخبار النبوية ما تقف عليه إن شاء اللّٰه تعالى (وصل في فصل تقسيم الصوم)[أنواع الصوم الواجب]اعلم أن الصوم المشروع منه واجب و منه مندوب إليه و الواجب على ثلاثة أنواع منه ما يجب بإيجاب اللّٰه تعالى إياه ابتداء و هو صوم شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن أي في صيامه أو عدة من أيام أخر في حق المسافر أفطر أو لم يفطر عندنا و عند غيرنا إن أفطر و في حق المريض و منه ما يجب لسبب موجب و هو صيام الكفارات و منه ما يجب من اللّٰه بما أوجبه الإنسان على نفسه و هو غير مكروه و هو صوم النذر فإنه يستخرج به من البخيل و ما ثم واجب غير ما ذكرنا [أنواع الصوم المندوب]و أما المندوب فمنه ما يتقيد بالزمان المرغب فيه كصوم الأيام البيض و الاثنين و الخميس و أشباه ذلك من الأيام و الشهور و منه ما يتقيد بالحال كصيام يوم و فطر يوم و هو أعدل الصوم و كالصيام في سبيل اللّٰه و منه ما لا يتقيد بزمان و هو أن يصوم الإنسان متى شاء متطوعا بذلك (وصل في فصل الصوم الواجب الذي هو شهر رمضان لمن شهده)فلنقدم في ذلك ذكر رمضان و بعد هذا نتكلم في أحكام صومه «خرج مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم قال إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة و غلقت أبواب النار و صفدت الشياطين» «زاد النسائي في كتابه و نادى مناد في كل ليلة يا طالب الخير هلم و يا طالب الشر أمسك رواه النسائي عن عرفجة عن رجل من أصحاب النبي صلى اللّٰه عليه و سلم عن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم» [مجيء رمضان و فتح أبواب الجنان]لما كان مجيء رمضان سببا في الشروع في الصوم فتح اللّٰه أبواب الجنة و الجنة الستر فدخل الصوم في عمل مستور لا يعلمه منه إلا اللّٰه تعالى لأنه ترك و ليس بعمل وجودي فيظهر للبصر أو يعمل بالجوارح فهو مستور عن كل ما سوى اللّٰه لا يعلمه من الصائم إلا اللّٰه تعالى و الصائم الذي سماه الشرع صائما لا الجائع [مجيء رمضان و غلق أبواب النيران]و غلق اللّٰه أبواب النار فإذا غلقت أبواب النار عاد نفسها عليها فتضاعف حرها عليها و أكل بعضها بعضا كذلك الصائم في حكم طبيعته إذا صام غلق أبواب نار طبيعته فوجد للصوم حرارة زائدة لعدم استعمال المرطبات و وجد ألم ذلك في باطنه و تضاعفت شهوته للطعام الذي يتوهم الراحة بتحصيله فتقوى نار شهوته بغلق باب تناول الأطعمة و الأشربة [مجيء رمضان و تصفيد الشياطين]و صفدت الشياطين و هي صفة البعد فكان الصائم قريبا من اللّٰه بالصفة الصمدانية فإنه في عبادة لا مثل لها فقرب بها من صفة ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] و من كانت هذه صفته فقد صفدت الشياطين في حقه و «قد ورد في الخبر أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فسدوا مجاريه بالجوع و العطش» أي هذه الأسباب معينة له على ما يريده من الإنسان من التصرف في الفضول و هو ما زاد على التصرف المشروع [رمضان اسم من أسماء اللّٰه تعالى]ثم اعلم علمك اللّٰه من لدنه علما و جعل لك في كل أمر حكمة و حكما إن رمضان اسم من أسماء اللّٰه تعالى و هو الصمد «ورد الخبر النبوي بذلك روى أحمد بن عدي الجرجاني من حديث نجيح أبي معشر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم لا تقولوا رمضان فإن رمضان اسم من أسماء اللّٰه تعالى» و إن كان في هذا الإسناد أبو معشر فإن علماء هذا الشأن قالوا فيه إنه مع ضعفه يكتب حديثه فاعتبروه رضي اللّٰه عنهم و لذلك قال اللّٰه |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |