 
	
 الشفيع على علم بتوحيد من يشفع فيه و آخر شافع حيث كان الاسم الرءوف يشفع عند الاسم الجبار المنتقم في نجاة من عنده علم التوحيد مع وصول الدعوة إليه و توقفه في القبول 
[الشفاعة في العصاة الذين لم تبلغهم الدعوة]
 فإن الموحد الذي لم تصل إليه الدعوة لا يدخل النار فلا تكون الشفاعة إلا في العصاة الذين بلغتهم الدعوة فمنهم من آمن و منهم من توقف إيمانه بهذا الشخص من أجل ما جاء به لأنه استند إلى عظيم لا ينبغي أن يفتري عليه فاحتاج إلى دليل يقطع به على صدق دعواه فيما يبلغه أنه من عند اللّٰه فلهذا توقف إذ لم يرزقه اللّٰه العلم الضروري ابتداء بصدق دعوى هذا الرسول 
[الآيات البينات على صدق دعوى الرسول]
 قال تعالى  ﴿وَ مٰا كُنّٰا مُعَذِّبِينَ حَتّٰى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾  [الإسراء:15] يعني نبعثه بالآيات البينات على صدق دعواه و كذا أخبر اللّٰه تعالى أنه أيد الرسل بالبينات ليعذر الإنسان من نفسه و  «الايمان نور يقذفه اللّٰه في قلب من يشاء من عباده»  فإذا انضاف إلى نور العلم فهو نور على نور فلنشرع في حال الميت الذي يصلي عليه و ما يجب له و ما يجب من أجله علينا من تجهيزه على الصفات التي أمرنا الشارع بها 
[وصل تلقين الميت]
[الحالة الأولى من التلقين]
 فمن ذلك التلقين التلقين عند الموت إذا احتضر فإن الهول شديد و المقام عظيم و هو وقت الفتنة التي هي فتنة المحيا بما يكشفه المحتضر عند كشف الغطاء عن بصره فيعاين ما لا يعاينه الحاضر و يتمثل له من سلف من معارفه على الصور التي يعرفهم فيها و هم الشياطين تتمثل إليه على صورهم بأحسن زي و أحسن صورة و يعرفونه أنهم ما وصلوا إلى ما هم فيه من الحسن إلا بكونهم ماتوا مشركين بالله فينبغي للحاضرين عنده في ذلك الوقت من المؤمنين أن يلقنوه شهادة التوحيد و يعرفوه بصورة هذه الفتنة لينتبه بذلك فيموت مسلما موحدا مؤمنا فإنه عند ما يتلفظ بشهادة التوحيد و يتحرك بها لسانه أو يظهر نورها من قلبه بتذكره إياها فإن ملائكة الرحمة تتولاه و تطرد عنه تلك الصور الشيطانية التي تحضره 
الحالة 
الثانية من التلقين
 و كذلك ينبغي أن يلقن إذا أنزل في قبره و ستر بالتراب من أجل سؤال القبر فإن الملكين منظرهما فظيع و سؤالهما عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بكلام ما فيه تعظيم و لا تبجيل في حق رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و ذلك أن يقولا له ما تقول في هذا الرجل و هذه هي فتنة الممات المستعاذ منها 
[الاستعاذة من فتنة المحيا و فتنة الممات]
 و أما استعاذة الأنبياء عليهم السلام منها فإنهم مسئولون عمن أرسل إليهم و هو جبريل عليه السلام كما نسأل نحن عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فكان النبي صلى اللّٰه عليه و سلم يستعيذ في التشهد في الصلاة من فتنة المحيا و الممات لعلمه بأن الأنبياء تفتن في الممات كما يفتن المؤمنون فأمر المؤمنين بالاستعاذة من ذلك في الصلاة فإن الإنسان في الصلاة في مقام قربة من اللّٰه بمناجاته فيسأله على الكشف 
(وصل) [استقبال الميت القبلة]
 و مما يستحب من الشروط المخاطب بها أهل الميت أن يستقبلوا به القبلة عند الاحتضار فإن كان على قفاه فيستقبل القبلة برجليه و إن كان على جنبه فيستقبل القبلة بوجهه 
(وصل) [التعجيل بدفن الميت]
 و مما يستحب تعجيل دفنه و الإسراع به إلى قبره فإن كان سعيدا أسرعتم به إلى خيره و إن كان شقيا فشر تضعونه عن رقابكم فيراعي الميت في السعادة و يراعى الحي الذي هو حامله بوضع الشر عنه فهذا إسراع من أجل الميت و هذا إسراع من أجل حامله 
[التكليف من أجل الخير]
 و إنما ورد التفسير من الشرع في الإسراع بهذا ليعلم أن اللّٰه ما كلف عباده إلا من أجل الخير لا لينالوا بذلك شرا فاعتبر في حق الشقي حامله فقال أسرعوا بالجنازة فإنه شر تضعونه عن رقابكم و اعتبر في حمل السعيد الميت فقال أسرعوا به فإنه خير تقدمونه إليه فما ألطف حكم الشارع 
[العجلة من الشيطان إلا في ثلاث]
 و قد ورد أن العجلة من الشيطان إلا في ثلاث منها تجهيز الميت و من تجهيزه الإسراع به إلى دفنه فيقول الميت و هو على نعشه حين يحمل إذا كان سعيدا قدموني قدموني و إذا كان شقيا يقول إلى أين تذهبون بي يسمع ذلك منه كل دابة إلا الثقلين 
(وصل) [غسل الميت]
[الغسل للميت و الطهارة للصلاة]
 و مما يتعلق بالحي من الميت أيضا غسله و هو كالطهارة للصلاة و فعله مخاطب به الحي و اختلف الناس فيه أعني في حكمه فمن قائل إنه فرض على الكفاية و من قائل إنه سنة على الكفاية فمن قال بوجوبه فللأمر الوارد في قوله صلى اللّٰه عليه و سلم اغسلنها ثلاثا أو خمسا و قوله في المحرم اغسلوه فهذا أمر في الصيغة بلا شك فإذا اقترنت معه قرينة حال تخرجه مخرج التعليم لصفة الغسل جعلته سنة و من رأى أنه يتضمن الأمر و الصفة قال بالوجوب 
[الموت الجهل و العلم الحياة]
 (و اعتبار)الميت الجاهل و الموت الجهل فيجب على العالم تعليم الجاهل لأن من جهل الجاهل أنه لا يعلم أن السؤال يجب عليه فيما لا يعلمه فيتعين على العالم أن يعلمه أن من لا يدري حكم الشرع في حركاته أن يسأل أهل الذكر و متى لم يفعل فقد عصى و يعلمه ما يتعين عليه تعليمه إياه فتلك طهارته و هذا هو غسل الميت في الاعتبار مختصر