الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() (فصل بل وصل في إمامة المفضول)[حكم إمامة المفضول من الوجهة الشرعية]اختلف العلماء في إمامة المفضول فمنهم من أجازها و منهم من منع من ذلك «صلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم خلف عبد الرحمن بن عوف بلا خلاف و قضى ما فاته و قال أحسنتم» (اعتبار ذلك)الفاضل يصلي خلف المفضول ليرقى همته و يرغبه في طلب الأنفس و الأعلى سياسة و حسن تربية فإنه داع إلى اللّٰه تعالى على بصيرة إن اللّٰه يفتح للكبير بصدق توجه الصغير فالصغير مفيد الكبير و إمامه من حيث لا يشعر و كم من مريد صادق وقعت له واقعة و هو معتنى به فعرضها على الشيخ و قد كان الشيخ ما عنده معنى تلك الواقعة و قد استفرغت همة المريد و قطعت إن واقعته لا يعرف حل أشكالها إلا هذا الشيخ ففتح اللّٰه على ذلك الشيخ فيها بهمة ذلك المريد و صدقه فيه عناية من اللّٰه بالمريد و ينتفع الشيخ تبعا و إن كان الشيخ أعلى منه في المقام و لكن ليس من شرط كل مقام إذا دخله الإنسان ذوقا أن يحيط بجميع ما يتضمنه من جهة التفصيل فإنا نعلم قطعا أنا نجتمع مع الأنبياء عليهم السلام في مقامات و بيننا و بينهم في العلم بأسرارها بون بعيد يكون عندهم ما ليس عندنا و إن شملهم المقام فهذه إمامة المفضول فافهم و لا تغالط نفسك فتقول أنا شيخ هذا فأنا أعلم منه بما تطلبه التربية و قد لا تكون أعلم منه بما تنتجه و قد رأينا ذلك معاينة في حق أشخاص و الحمد لله انتهى الجزء الأربعون (بسم اللّٰه الرحمن الرحيم) (فصل بل وصل في حكم الإمام إذا فرغ من قراءة الفاتحة هل يقول آمين أم لا يقولها)[حكم التأمين في الصلاة من الوجهة الشرعية]اختلف العلماء في ذلك فمن قائل يؤمن و من قائل لا يؤمن (وصل في الاعتبار في ذلك)إن جعل الإنسان نفسه أجنبية عنه فإنه يخاطبها مخاطبة الأجنبي يقول اللّٰه تعالى ﴿وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ وَ نَعْلَمُ مٰا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ [ق:16] و هذا يجده كل إنسان ذوقا تقتضيه نشأته و رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يقول للإنسان المكلف إن لنفسك عليك حقا فأضاف النفس إليه و الشيء لا يضاف إلى ذاته فجعل النفس غير الإنسان و أوجب لها عليه حقا تطلبه منه فإن كان هو التالي فلا لنفسه عند فراغ الفاتحة آمين و إن كانت النفس التالية فلا بد أن يقول هو آمين و الإنسان واحد العين كثير بالقوى و يؤيده قوله ﴿فَمِنْهُمْ ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ [فاطر:32] و بادرني عبدي بنفسه في القائل نفسه فمن كان هذا مشهده قال يؤمن الإمام و المنفرد و من رأى أن الإمام عين واحدة أو يرى أنه قال بربه في قوله بي يسمع و بي يبصر و بي يتكلم و قد كان الشيخ أبو مدين ببجاية يقول ما رأيت شيئا إلا رأيت الباء عليه مكتوبة يشير إلى هذا المقام و هي تسمى باء الإضافة مثل قوله أيضا فمن كان مشهده هذا يقول لا يؤمن الإمام و التأمين أولى بكل وجه فإن المكلف مأمور إذا دعا أن يبدأ بنفسه و قوله آمين دعاء يقول اللهم أمنا بالخير و بما قصدناك فيه و الإنسان بحكم حاله و مشهده و في الحديث الثابت إذا أمن الإمام فآمنوا و الحديث الآخر إذا قال الإمام و لا الضالين فقولوا آمين (فصل بل وصل متى يكبر الإمام)[أقوال الفقهاء في وقت تكبير الإمام]فمن قائل بعد تمام الإقامة و استواء الصفوف و من قائل قبل أن يتم الإقامة و من قائل بعد قول المؤذن قد قامت الصلاة و بالتخيير أقول في ذلك (الاعتبار) [في وقت تكبير الإمام]الإقامة للقيام بين يدي اللّٰه تعالى فإنه يقول حي على الصلاة و استواء الصفوف مثل صفوف الملائكة عند اللّٰه تعالى الذين أقسم بهم في قوله ﴿وَ الصَّافّٰاتِ صَفًّا﴾ [الصافات:1] و هي إشارة إلى إقامة العدل فإن الإنسان بروحه ملك مدبر لما ولاة اللّٰه عليه من هذه النشأة الذي أشار إليه بالبلد الأمين لكونه أما جامعة مثل مكة التي هي أم القرى و الفاتحة أم الكتاب فلا بد من فروض الأحكام لإقامة العدل في العبادات التي خوطب بها جماعة الجوارح فاجتماع الهم على ذلك واجب ظاهرا و باطنا فمن رأى مثل هذا يكبر بعد الإقامة و استواء الصفوف كأنه يقول اللّٰه أكبر من أن يتقيد تكبيره بمثل هذه الصفة لإحاطته إطلاقا بكل حال و وجه فإنه ﴿أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ [ طه:50] فإنه ﴿عَلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الأنعام:39] فلما كلف عباده بالمشي على صراط خاص عينه لهم كان من عدل إليه سعد و من عدل عنه شقي و من راعى المسارعة إلى |
|
|||||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |