الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() ما يناجيه به فلذلك ما ينبغي أن يقيد المصلي في مناجاته بصفة خاصة و لهذا قال بالتخيير في هذه المسألة من قال و كل هذه الهيئات جائزة و حسنة (فصل بل وصل في الانتهاض من وتر صلاته)[حكم الانتهاض من وتر الصلاة]ذهبت طائفة أن المصلي إذا كان في وتر من صلاته أن لا ينهض حتى يستوي قاعدا و اختار آخرون أن لا يقعد و إن انتهض من سجوده نفسه (اعتبار أهل اللّٰه في ذلك)المصلي بحسب ما يدعوه الحق إليه فإن دعاه و هو في حال سجوده إلى القعود قعد ثم ينهض و إن دعاه إلى النهوض نهض فهو بحسب ما يلقى إليه في نفسه و قد تقدم الكلام في الجلوس في الصلاة قبل هذا فلتجر على ذلك الاعتبار و أما الجلوس بين السجدتين فهو ليجمع في سجوده بين السجود عن قيام و السجود عن قعود فمن السجود عن الجلوس يقف منه على أسرار نزول الحق من العرش الذي استوى عليه سبحانه بالاسم الرحمن إلى السماء الدنيا فيكون العبد في حال جلوسه بين السجدتين يناجي الرحمن من حيث إنه استوى على العرش و في سجوده من جلوسه يناجي الحق بالاسم الرب من حيث نزوله إلى عباده في الثلث الباقي من الليل فيتجلى له من هذه الأحوال ما يكون له به مزيد علوم مما تعطيه ما تتضمنه هذه الأحوال من الذكر و الدعاء و الهيئات كل على حسب شربه (فصل بل وصل فيما يضع في الأرض إذا هوى إلى السجود)[أيهما يضع المصلى إذا سجد]اختلف الناس فيما يضع المصلي في الأرض إذا هوى إلى السجود هل يضع يديه قبل ركبته أم لا فذهب طائفة إلى وضع اليدين قبل الركبتين و ذهب قوم إلى وضع الركبتين قبل اليدين (اعتبار أهل اللّٰه في ذلك)اليدان محل الاقتدار و الركبتان محل الاعتماد فمن اعتمد على ربه مع الاقتدار الذي يجده من نفسه كالحلم مع القدرة قال بوضع الركبتين قبل اليدين و من رأى أن اليدين محل العطاء و الكرم و رأى قوله تعالى ﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوٰاكُمْ صَدَقَةً﴾ [المجادلة:12] قدم اليدين على الركبتين ثم إن المعطي لا يخلو من إحدى حالتين إما أن يعطي و هو صحيح شحيح يخشى الفقر و يأمل الحياة و إما أن يعطي و هو من الثقة بالله و الاعتماد على اللّٰه بحيث أن لا يخطر له الفقر و الحاجة ببال لعلمه بأن اللّٰه أعلم بمصالحه فمن كانت هذه حالته قدم ركبتيه على يديه و من كانت حركاته الشح يجاهد نفسه خشي الفقر و بذل المجهود من نفسه في العطاء قدم يديه على ركبتيه و الساجد أي حال قدم من هاتين الحالتين فإن الأخرى تحصل له في سجوده و لا بد فمن اعتمد و توكل حصل له صفة الجود و الإيثار و جميع مراتب الكرم و العطاء و من أعطى لله عن جبن و فزع أثمر له ذلك العطاء بهذه الحال التوكل و الاعتماد على اللّٰه و الذي رجح الشارع تقديم اليدين (فصل بل وصل في السجود على سبعة أعظم)[أقوال الفقهاء في كيفية السجود في الصلاة]اتفق العلماء رضي اللّٰه عنهم على أنه من سجد على الوجه و اليدين و الركبتين و أطراف القدمين فقد تم سجوده و اختلفوا إذا سجد على وجهه و نقصه عضو من تلك الأعضاء هل تبطل صلاته أم لا فمن قائل تبطل و من قائل لا تبطل و لم يختلفوا أن من سجد على جبهته و أنفه فقد سجد على وجهه و اختلفوا فيمن سجد على جبهته دون أنفه أو على أنفه دون جبهته فمن قائل إن من سجد على جبهته دون أنفه جاز و إن سجد على أنفه دون جبهته لم يجز و من قائل إنه يجوز أن يسجد على أنفه دون جبهته و على جبهته دون أنفه و من قائل إنه لا يجوز إلا أن يسجد عليهما معا (و الاعتبار في ذلك)السبع الصفات ترجع إليها جميع الأسماء الإلهية و تتضمنها و هي الحياة و العلم و الإرادة و القدرة و الكلام و السمع و البصر فلو نقص منها صفة أو نسبة على الاختلاف الذي بينا في كونها نسبا أو صفات فقد بطل الجميع أي لم يصح كون الحق إلها و هذا اعتبار الذي لا يجيز الصلاة إلا بالسجود على السبعة الأعضاء فإنها للحضرة الإلهية بمنزلة الأعضاء لهذا الساجد و الذي يقول إن الوجه لا بد منه بالاتفاق كالحياة من هذه الصفات التي هي شرط في وجود ما بقي من الصفات السبع أو النسب على الاختلاف الذي بينا فمن عالم يقول إن السمع و البصر راجعان إلى العلم و إن العلم يغني عنهما و إنهما للعلم مرتبتان عينهما المسموع و المبصر فهما من العلم تعلق خاص قال بجواز الصلاة إذا نقص عضو ما هذه الأعضاء مع |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |