الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() شراب طهور لم يكن نصا في الوضوء به و لا بد فقد يمكن أن يطهر به الثوب من النجاسة فإن اللّٰه ما شرع لنا في الطهارة للصلاة عند عدم الماء إلا التيمم بالتراب خاصة (وصل حكم الباطن في ذلك)و أما حكم الباطن في ذلك فإن الواقف في معرفته بالله على الدليل المشروع الذي هو فرع في الدلالة عن الدليل العقلي الذي هو الأصل و ليس عند صاحب الدليل المشروع علم بما ثبت به كون الشرع دليلا في العلم بالإله فضعف في الدلالة و إن سماه ماء طهورا و تمرة طيبة فذلك لامتزاج الدليلين و المقلد لا يقدر على الفصل بين الدليلين فمن حيث يتضمن ذلك الامتزاج الدليل العقلي يجوز الأخذ به في الدلالة فيجيز الوضوء بنبيذ التمر و من حيث الجهل بما فيه من تضمنه الدلالة العقلية لا يجوز الأخذ به و هو على غير بصيرة في ثبوت هذا الفرع فلم يجز الوضوء بنبيذ التمر فإنه سماه شرابا و أزال عنه اسم الماء فافهم ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] (أبواب نواقض الوضوء)[ناقض الوضوء كل ما يقدح في الأدلة]حكم ذلك في الباطن أعني ناقض الوضوء أنه كل ما يقدح في الأدلة العقلية و الأدلة الشرعية في المعرفة بالله أما في العقلية فمن الشبه الواردة و أما في الشرعية فمن ضعف الطريق الموصل إليها و هو عدم الثقة بالرواة أو غرائب المتون فإن ذلك مما يضعف به الخبر فكل ما يخرجك عن العلم بالله و بتوحيده و بأسمائه الحسنى و ما يجب لله أن يكون عليه و ما يجوز و ما يستحيل عليه عقلا إلا أن يرد به خبر متواتر في كتاب أو سنة فإن ذلك كله ناقض لطهارة القلب بمعرفة اللّٰه و توحيده و أسمائه فلنذكرها مفصلة كما وردت في الوضوء الظاهر إن شاء اللّٰه (باب انتقاض الوضوء بما يخرج من الجسد من النجس)[اختلاف العلماء في النوم]اختلف علماء الشريعة في انتقاض الوضوء بما يخرج من الجسد من النجس على ثلاثة مذاهب فاعتبر قوم في ذلك الخارج وحده من أي موضع خرج و على أي وجه خرج و بين هؤلاء اختلاف في أمور و اعتبر قوم المخرجين القبل و الدبر من أي شيء خرج و على أي وجه خرج من صحة و مرض و اعتبر آخرون الخارج و المخرج و صفة الخروج و به أقول (وصل حكم الباطن في ذلك)[اللفظ الخارج من الإنسان على اللسان يؤثر في الإيمان]فأما حكم هذه المذاهب في المعاني في الباطن فمن اعتبر الخارج وحده و هو الذي ينظر في اللفظ الخارج من الإنسان فهو الذي يؤثر في طهارة إيمانه مثل أن يقول في يمينه برئت من الإسلام إن كان كذا و كذا أو ما كان إلا كذا و كذا فإن هذا و إن صدق في يمينه و بر و لم يحنث فإنه لا يرجع إلى الإسلام سالما كذا قال صلى اللّٰه عليه و سلم و مثل من يتكلم بالكلمة من سخط اللّٰه ليضحك بها الناس ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيهوي بها في النار سبعين خريفا و لا يراعى من خرجت منه من مؤمن و كافر [النفاق ظهور الإيمان على الشفتين و ما في القلب منه شيء]و من اعتبر المخرجين فهو المنافق و المرتاب فكل ما خرج منهما لا ينفعهما في الآخرة فإن الخارج قد يكون نجسا كالكفر من التلفظ به و قد يكون غير نجس كالإيمان و ما كان مثل هذا من المخرجين المنافق و المرتاب لأن المخرجين خبيثان لم ينفع ما ليس بنجس كظهور الايمان و ما في القلب منه شيء و هو قوله تعالى عنهم حيث قالوا ﴿نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ﴾ [النساء:150] و هو كخروج الطاهر أعني الذي ليس بنجس ﴿وَ نَكْفُرُ بِبَعْضٍ﴾ [النساء:150] و هو كخروج ما هو نجس فقال تعالى فيهم ﴿أُولٰئِكَ هُمُ الْكٰافِرُونَ حَقًّا﴾ [النساء:151] فأثر في الطهارة [العالم بالحق و يجحده ظلما و علوا]و أما من اعتبر الخارج و المخرجين و صفة الخروج فقد عرفت الخارج و المخرجين و ما بقي إلا صفة الخروج فصفة الخروج في الطهارة كالخروج على صفة المرض كالمقلد في الكفر أو الصحة و هو العالم بالحق الصحيح و يجحده فلا يؤمن قال تعالى في مثل هؤلاء الذين عرفوا الحق و جحدوا بما دلهم عليه ﴿وَ جَحَدُوا بِهٰا وَ اسْتَيْقَنَتْهٰا أَنْفُسُهُمْ﴾ [النمل:14] ثم ذكر العلة فقال ظلما و علوا ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كٰانَ عٰاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ [الأعراف:103] انتهى الجزء الثاني و الثلاثون (باب حكم النوم في نقض الوضوء)(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم) [اختلاف العلماء في النوم]اختلف العلماء في النوم على ثلاثة مذاهب فمن قائل إنه حدث فأوجبوا الوضوء في قليله و كثيره و من قائل إنه ليس بحدث فلم يوجب منه وضوء إلا أن تيقن بالحدث فالناقض للوضوء هو الحدث لا النوم و إن شك في الحدث فالشك غير مؤثر في |
|
|||||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |