الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() المسيح الدجال و فتنة المحيا و الممات و اجهد أن لا تترك هذا حتى تخرج من الخلاف بفعلك ما أمرتك به فإني ما أمرتك بأمر تفعله من عباداتك إلا لما أعرف في تركه من الخلاف بين العلماء و أريد أن تأتي العبادة على أتم وجوهها مما لا اختلاف فيه هذا غرضي في هذه الوصية بمثل هذه الأمور فلا تهمل شيئا مما وصيتك به (وصية)إياك أن تقترف ذنبا و أنت صائم فإنه يبطل صومك فالصوم لله لا لك فلا يراك في عمل هو له على ما لا يرضاه منك فلتكن على أحسن الحالات في صومك و إن شاتمك أحد أو قاتلك فقل إني صائم فلا تجازه بفعله و إن كان لك مال فاجهد إن تكون لك صدقة جارية توقفها على الناس لا تخص بها طائفة من طائفة بل على المسلمين الذين تلفظوا بالشهادة أو ولدوا في الإسلام فإن هذه الأوقاف إن لم تكن على حد ما ذكرتها لك و إلا أكل الناس حراما و يكون الواقف هو الذي أساء في حقهم حيث اشترط شرطا معينا سوى الإسلام فإن اشترط و لا بد فليشترط من يتظاهر بالخير في أغلب أحواله و كذلك إن كان لك علم نافع في الدين فبثه في الناس لينتفع به كل سامع إلى يوم القيامة يا أخي إذا كان في يدك هيف مصلت فأراد أحد أن يتناوله منك فلا تناوله إياه حتى تغمده اللّٰه اللّٰه إذا رأيت أحدا على عمل يكرهه الشرع من المسلمين فأكره عمله و لا تكره المسلم الذي هو العامل و إن كنت صادقا في كراهيتك عمله فلا تعمل بمثله فإن عملت بمثله و كرهته من غيرك فأنت مراء بما ظهرت به من الكراهة لذلك و هنا سر خفي و مكر دقيق يؤدي إلى ترك تغير المنكر و إذا كنت في سفر و أردت التعريس بالليل فاجتنب الطريق فإن الهوام بالليل تقصد الطريق فربما يؤذيك شيء منها و قل إذا نزلت منزلا أعوذ بكلمات اللّٰه التامات كلها من شر ما خلق فإنه لن يضرك شيء ما دمت في ذلك المنزل أخبرني صاحبي عبد اللّٰه بدر الحبشي الخادم عن الشيخ ربيع بن محمود الخطاب المارديني قال بتنا ليلة برأس العين في مسجد و برأس العين عقارب تسمى الجرارات لا ترفع أذنابها إلا عند الضرب و هي قتالة ما ضربت أحدا فعاش فجاء شخص فبات في المسجد و ذكر هذه الاستعاذة فضربته العقرب في تلك الليلة فقال للشيخ ربيع حديثه فقال له صح الحديث فإن اللّٰه قد رفع عنك الموت فإنها ما ضربت أحدا إلا مات و قد رأيت أنا مثل هذا من نفسي لدغتني العقرب مرة بعد مرة في وقت واحد فما وجدت لها ألما و كنت قد ذكرت هذه الاستعاذة إلا أنه كان في حرامي بندقتان و كنت قد سمعت أن البندق بالخاصية يدفع ألم الملسوع فلا أدري هل كان ذلك للبندق أو للدعاء أو لهما معا إلا أنه تورم رحلي و حصل فيه خدر و بقي الورم ثلاثة أيام و لا أجد ألما البتة و عليك بالتسمية في كل حال تشرع فيه من أكل و شرب و دخول و خروج و حل و ترحال و حركة و سكون و إذا دخلت بيت اللّٰه فابدأ برجلك اليمنى و إذا خرجت فأخرج رجلك اليمنى و إذا انتقلت فابدأ باليمنى و إذا خلعت فابدأ باليسار (وصية)لا تساور صاحبك بشيء و معكما ثالث دونه فإن ذلك يوحشه بلا شك و مقصود الحق من عباده تألف القلوب و المحبة و التودد و إن اللّٰه قد جعل الألفة من منة اللّٰه على نبيه ﷺ فقال ﴿لَوْ أَنْفَقْتَ مٰا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مٰا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ﴾ [الأنفال:63] و كذلك لا تتكلم معه بلسان لا يعرفه الثالث فإنه لا فرق بينه و بين المساررة و التزم الصدق في حديثك أبدا و في أفعالك تكن أصدق الناس رأيا و إذا سمعت صياح الديكة فسل اللّٰه من فضله فإنها رأت ملكا و إذا سمعت نهيق الحمار فتعوذ بالله من الشيطان الرجيم فإن الحمار لا ينهق إلا إذا رأى شيطانا و الديك لا يصيح إلا إذا رأى ملكا و «قد روينا أن لله ديكا في السماء إذا صاح و سمعته الديوك في الأرض صاحت لصياحه» كن في كل حال ذاتية حميدة مع اللّٰه يرضاها اللّٰه منك و على عمل صالح و لا سيما إذا كثر الفساد في العامة فما تدري لعل اللّٰه يرسل عليهم عذابا يعم الصالح و الطالح فتكون ممن يحشر على عمل خير كما قبضت عليه يقول اللّٰه ﴿وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لاٰ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ شَدِيدُ الْعِقٰابِ﴾ و لا تشمت عاطسا لم يحمد اللّٰه و لكن ذكره أن يحمد اللّٰه ثم شمته و إياك إذا غلبك لتثاوب إن تصوت فيه و اكظمه ما استطعت و إياك أن تمدح أحدا في وجهه فتخجله و إذا مدحك أحد في وجهك فأحث التراب في وجهه برفق و صورة حثو التراب أن تأخذ كفا من تراب و ترمي به بين يديه و تقول له ما عسى أن يكون من خلق من تراب و من |
|
||||||||
![]() |
![]() |
||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |