الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() قال لا تقع الخشية إلا ممن يقبل أثر ما يخشى منه فهو عنده بالذوق علم ذلك و في ذاته طلب التأثير لما عنده من دعوى الربوبية لكونه خلق على الصورة فلا بد أن يخشى أيضا هو لما يطلبه من التأثير في غيره كما نخشى ممن يؤثر فيه و العارف قد يقام في حال لا يخشى و لا سبيل أن يقام في حال لا تخشى لأن ذلك ليس له نعم قد يكون في نفسه شاهدا لحاله يقول إنه لو شوهدت منه ما يخشاه أحد و ذلك ليس بصحيح إنما يكون هذا ممن يجهل ذاته و ما تعطيه ما رأى الصيد إنسانا لا لأفر منه و يخشاه و إن لم يقم بنفس ذلك الإنسان صيد ذلك الهارب منه و قد لا يراه و يكون ظهره إليه فليس في وسع المخلوق أنه لا يخشى و قد يكون في وسعه أنه لا يخشى و لكن لا على الدوام إلا أن يغفل عن ذلك لا غير [المقيت يطلب التوقيت]و من ذلك المقيت يطلب التوقيت اللّٰه عين أقواتا و قدرها *** فهو المقيت و باسم الدهر يحجبه فالعقل يستره و النفس تظهره *** و الروح يكتمه و الحس يرقبه و النور يحرقه و السر يكنفه *** و الشوق يتلفه و جدا و يذهبه و الوجد يقدح زند الحب في كبد *** حرا والهة و الريح تلهبه قال ترتيب الإيجاد يؤذن بالتوقيت و لا يتولى ذلك إلا الاسم المقيت لأنه القائل ﴿وَ مٰا نُنَزِّلُهُ إِلاّٰ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [الحجر:21] و قوله ﴿إِنّٰا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنٰاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر:49] و قال ﴿وَ لٰكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مٰا يَشٰاءُ﴾ [الشورى:27] و هو الثابت الواقع و لا حكم لاداة لو فإن كلمة لو زرعت ما نبت عنها شيء و يخسر البذر فمتى سمعت لو حيث سمعتها فلا تنظر إلى ما تحتها فإن ما تحتها ما يوجد فلا تخف منها و لا من دلالتها و ليكن مشهودك الواقع خاصة فإنه ما رأيت أعظم أثرا من أثر المعدوم في نفوس العالم و سبب ذلك الإمكان فيخاف الإنسان أمرا ما و ذلك الأمر معدوم ما وجد و قد أثر فيه الخوف و ما يتبعه هذا أثر المعدوم فكيف أثر الموجود [الحبيب قريب]و من ذلك الحبيب قريب قال الحبيب قريب من الحب لأنه الذي يتعلق به لا من المحب فالحب لا يجول المسافات البعيدة النابية و لا التنويهات الشريفة التي لا ترتفع أحكامها عن قرب الحب من الحبيب و المحب قد يكون له القرب من الحبيب و قد لا يكون فالحب قريب من المحب لقيامه به و قريب من المحبوب لتعلقه به فإنه لا تعلق له بغير محبوبه فقد انفرد إليه و المحب تبع للحب لقيامه به و الحبيب ليس بتابع لحب المحب و إن تعلق به بل هو مع ما يقوم به فإن قام به حب المحب أحبه فعاد المحب حبيبا فصح الطلب من الطرفين و لا عايق إلا إن كان من خارج أو من محال أي لا تعطي الحقائق الاتصال فمن عرف الحب عرف كيف يحب كان شيخنا يطلب شهوة الحب لا الحب و ذلك أن شهوة الحب قرب الحبيب من المحب [ليس من الخير حب الغير]و من ذلك ليس من الخير حب الغير قال ما أحب المحب في غيره إلا نفسه فما أحب الغير و لا يصح حب الغير أبدا لأن حب الغير ما فيه خير فإذا كان فيه خير يعود على المحب فنفسه أحب لأنه أحب إعادة ذلك الخير عليه ثم لتعلم إن ذلك الغير من حقيقته أن يكون له وجود ما هو عين هذا الآخر و المحبوب أبدا لا يكون إلا معدوما إما في موجود أو لا في موجود فإن الموجود محال أن يحب لذاته و إنما يحب لأمر عدمي ذلك الأمر العدمي هو المحبوب منه أن يكون و العدم ليس بغير للمحب و لا يزال هذا المعدوم المحبوب منوطا بالمحب لقيام حبه به و تعلقه بذلك المحبوب فلا يزال متصلا به وصل خيال حتى يقع في الحس هذا شأنه في المخلوق و في الحق الإيجاد [من بلغ الغاية في الاتساع ضاق]و من ذلك من بلغ الغاية في الاتساع ضاق قال لا أوسع من الخلأ إذ الاتساع لا يوصف به إلا الخلاء فإذا امتلأ الخلأ ضاق بلا شك فإن الممكنات لا نهاية لها و قد ضاق الخلأ عنها لأنه امتلأ فضاق المتسع فجعل اللّٰه فيما أوجد من الملإ في الخلأ الاستحالات فلا يزال يخلع صورة فيلحقها بالثبوت و العدم و يوجد صورة من العدم في هذا الملإ فلا يزال التكوين و التغيير فيه أبدا بالاستحالات في الدنيا و الآخرة بل في الوجود كله و هذه هي الشئون التي الحق فيها في كل يوم من أيام الدنيا و الآخرة بل من أيام الوجود فما ضاق عن الاستحالات فإنه تفريغ و أشغال فهو بعمارة الخلأ قد ضاق و بالتفريغ و الإشغال فيه ما ضاق فلا يزال الخلأ ممتليا على الدوام لا يعقل فيه خلو ليس فيه ملأ و من ذلك لا غاية في الغاية قال لو كانت في الغاية غاية ما كانت غاية و العالم غايته في طلب الحق و الحق غايته الخلق لأن غايته المرتبة و ليست سوى كونه إلها فهو |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |