الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() لجهله بالعين و ما فاز أهل اللّٰه إلا بشهوده لا بوجوده العلم كله واحد و إن اختلفت المأخذ و تنوعت المقاصد علم الحق من شاء من عباده من لدنه علما و آتاه رحمة من عنده فأعطته الرحمة حكما فتوسط الثبج و تحكم في المهج فأنكر عليه التابع فحل ما ربط و أزال ما اشترط فجهل منصبه و لم يعرف نسبه نعم علم ما به حيي لكن نسي فنسي فمنازل الأفراد في خرق المعتاد فأمورهم خارجة عن إحكام الرسل و حائده عما شرعوه من السبل و هم في السبل كالخضر و موسى الكليم و قول هود ع ﴿إِنَّ رَبِّي عَلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [هود:56] [غلق الصدور في الصدور]و من ذلك غلق الصدور في الصدور من الباب 298 لو لا الصدور ما عميت ﴿اَلْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج:46] و يحق لها أن تعمي لأنها مأمورة بفك المعمى و قيدت بالأجل المسمى كانت في حضرة سارحة و الأمور عندها واضحة أعطاها ذلك الورود على الوجود فقال لها الحق بضاعتك ردت إليك و ما نزلت إلا بك عليك هذه منحك التي أعطيتنيها و علومك التي خولتنيها فما أعماك سواك و أنا المنزه عن هذا و ذاك أنا الغني عن عينك و أنت الفقير إلي في كونك فلما صدرت عني بكونك و لم تشهدني في عينك عميت في صدورك عمن أوجدك و لو أشهدك فإن شهود الحق لا ينضبط مع أنه مع العالم مرتبط و هذه المسألة من أغمض المسائل على السائل لا بظهوره في كوني و لا بغناه عن عيني فعلى ما تعول فيه [يبدي الأسرار صدر النهار]و من ذلك يبدي الأسرار صدر النهار من الباب 299 صدور المجالس حيث كان الرؤساء و الرئيس الكبير من تحكم بأحوالها عليه الجلساء فهو و إن كان معدن النفوس الرئيس المرءوس أ لا ترى إلى الحق ما له تصرف إلا في شئون الخلق فيؤتى الملك من يشاء و ينزع الملك ممن يشاء و يعز من يشاء و يذل من يشاء فيتخيل إن المشيئة هنا ضميرها الرحمن و ما ضميرها إلا من و هو عين الأكوان لأنا قد قررنا فيما مضى أن الذي كانوا عليه في ثبوتهم هو عين القضاء فالكون أعطاه العزل و الولاية و العز و الذل و الرشد و الغواية فحكم عليه بما أعطاه فما قسط و لا جار فإنه نعم الحاكم و الجار للحاكم التقاضي و الحكم للماضي في الخصم للخصم لا للقاضي فالخصم في التحقيق عين القاضي فافهم [النيل لأهل الليل]و من ذلك النيل لأهل الليل من الباب 300 ما ظهرت قدرة الحي القيوم إلا في إنشاء الجسوم و ما ثم إلا رسم فما ثم إلا جسم لكن الأجسام مختلفة النظام فمنها الأرواح اللطائف و منها الأشباح الكثائف و ما عدا الحق الذي هو المنهاج فهو امتزاج و أمشاج و الصفات و الأعراض توابع لهذا الجسم الجامع فإنه مركب و المركب مركب و من أراد العلم بصورة الحال فليحقق علم الخيال فيه ظهرت القدرة و هو الذي أنار بدره فلا ينقلب إلا في الصور و لا يظهر إلا في مقام البشر و لست أعني بالبشر الأناسي فإني كنت أشهد على نفسي بإفلاسي و أنا عالم زماني لعلمي بالأواني فما ثم إلا وعاء و آنية ملا فتدبر تتبصر [الهمس في مراعاة الشمس]و من ذلك الهمس في مراعاة الشمس من الباب 301 ﴿خَشَعَتِ الْأَصْوٰاتُ لِلرَّحْمٰنِ فَلاٰ تَسْمَعُ إِلاّٰ هَمْساً﴾ [ طه:108] لما ﴿دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا﴾ [الفجر:21] و ﴿بُسَّتِ الْجِبٰالُ بَسًّا﴾ [الواقعة:5] ف ﴿إِذٰا قُرِئَ الْقُرْآنُ﴾ [الأعراف:204] المبين ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف:204] فإنه ما جاء بالكلام إلا للافهام فإذا خالج السامع القاري في قراءاته فقد شهد من الفهم براءته و أساء الأدب فأسخط اللّٰه فغضب و من غضب اللّٰه عليه فقد عطب «يقول ﷺ أيكم خالجنيها و ما لي أنازع القرآن» و أي برهان أعظم من هذا البرهان الرسول حاز الآداب و جاء بالكتاب و خاطب أولي الألباب و ما خص أعداء من أحباب بل عم الخطاب فمنا من أصاب و منا المصاب كل من علم ما لم يعلم فهو ملهم فالوحي شامل ينزل على الناقص و الكامل أيسره اللمة و ما هم به مما أهمه [الجنين في كبد إلى أن يولد]و من ذلك الجنين في كبد إلى أن يولد من الباب 302 الجنين في ظلمة غمه ما دام في بطن أمه يتحكم فيه من طعن في أبيه خدمه و أقامه حرمه ليجبر بذلك صدع ما وقع منه فيعفو من بغي عليه عنه و مع أنه في المقام الأوسع فما أودع فيه سوى أربع لأنه مركب من أربع فأودعه الرزق و الأجل و الرتبة و العمل كل قسم لواحد من أخلاطه أقامه لفسطاطه فلما علم الجنين أنه محل كل زوج بهيج و أنه في أمر مريج أراد الخروج بطلب الصعود و العروج فأخرجه على الفطرة التي كان عليها أول مرة من قبل أن يقذف في الرحم لما عصم و رحم فجعل ﴿لَهُ عَيْنَيْنِ وَ لِسٰاناً وَ شَفَتَيْنِ﴾ و هداه النجدين و عرف لما خلق |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |