الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() فيما لا تكون استقامته إلا عين الميل فإن الحكم العدل لا يحكم إلا بين اثنين فلا بد أن يميل بالحكم مع صاحب الحق و إذا مال إلى واحد مال عن الآخر ضرورة فليست الاستقامة ما يتوهمه الناس فأغصان الأشجار و إن تداخل بعضها على بعض فهي كلها مستقيمة في عين ذلك العدول و الميل لأنها مشت بحكم المادة على مجراها الطبيعي و كذلك الأسماء الإلهية يدخل بعضها على بعض بالمنع و العطاء و الإعزاز و الإذلال و الإضلال و الهداية فهو المانع المعطي المعز المذل المضل الهادي فمن يهد اللّٰه فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له : و كلها نسب حقيقية ما ترى ﴿فِيهٰا عِوَجاً وَ لاٰ أَمْتاً﴾ [ طه:107] إن الإله بجوده *** يعطي العبيد إذا افتقر ما شاءه مما له *** ما ثم إلا ما ذكر لما وقفت تحققا *** منه على سر القدر و شهدته فرأيته *** سمع الحبيب مع البصر فيه بدت أحكامه *** و له نهي و له أمر و يقال هذا مؤمن *** و يقال هذا قد كفر فلنا الحقائق كلها *** و لنا التحكم و الأثر ما الأمر إلا هكذا *** ما الأمر ما يعطي النظر الحكم ليس لغيرنا *** في كل ما تعطي الصور و الأمر فيه فيصل *** في الكون من خير و شر لم تستفد منه سوى *** أكواننا و كذا ظهر و انظر بربك لا *** بعقلك في شئونك و اعتبر هذا هو الحق الصراح *** لمن تحقق و ادكر الحكم حكم ذواتنا *** لا حكمه فاعدل و سر عنه إليه بما لنا *** تعثر على الأمر الخطر لا تأتلي لا تأتني *** فإليك منك المستقر إن الغني صفة له *** عنا فنستر ما ستر لو لا افتقار المحدثات *** إليه ما جاء الخبر هذا هو الميت الذي *** يوم القيامة قد نشر أن هذا هو السر الذي أخفاه اللّٰه عمن شاء من عباده قد ظهر في حكم افتقارنا في غناه فأظهره اللّٰه لمن شاء أيضا فتأمل هذا الغني و هذا الفقر و انظر بنور بصيرتك في هذا الوجود و الفقد و قل ﴿لِلّٰهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ﴾ [الروم:4] فحضرة العدل ما تنفك في نصب *** و حضرة الجور في بلوى و في تعب لو كان ثم مريح كان يحكم لي *** بالاستراحة في لهوي و في لعبي أنا جنيت على نفسي فبي حكمت *** على أسمائه الحسنى مع النسب فإن لي نسبا فيه الهلاك كما *** لربنا نسب ينجي من العطب هو التقى فاتق الرحمن أن له *** مكرا خفيا بأهل الوعد و النسب و احذر غوائله في كل مكرمة *** و اضمم إليك جناحيك من الرهب «يقول رسول اللّٰه ﷺ يقول اللّٰه تبارك و تعالى اليوم يعني يوم القيامة أضع نسبكم و أرفع نسبي أين المتقون» قال اللّٰه تعالى مخبرا عباده ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّٰهِ أَتْقٰاكُمْ﴾ [الحجرات:13] و يقول اللّٰه تعالى ﴿فَلاٰ أَنْسٰابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لاٰ يَتَسٰاءَلُونَ﴾ [المؤمنون:101] ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] |
|
||||||||
![]() |
![]() |
||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |