الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() عنه فإنك تعلم المحال محالا و لا أثر لك فيه من حيث علمك به و لا لعلمك فيه أثر و المحال لنفسه أعطاك العلم به أنه محال فمن هنا تعلم أن العلم لا أثر له في المعلوم بخلاف ما يتوهمه علماء أصحاب النظر فإيجاد أعيان الممكنات عن القول الإلهي شرعا و كشفا و عن القدرة الإلهية عقلا و شرعا لا عن العلم فيظهر الممكن في عينه فيتعلق به علم الذات العالمة بأنه ظاهر كما تعلق به أنه غير ظاهر بذلك العلم فظهور المعلوم و عدم ظهوره أعني وجوده أعطى العلم فهو حضرة المعلوم ينوع العلم من العالم بما هو عليه في ذاته أعني المعلوم هذا في كل موصوف بالعلم فالصفات المعنوية كلها على الحقيقة نسب غير أنه ثم نسبة تتقدم كالقول بالإيجاد على الموجود و نسبة تتأخر كالعلم و المعلوم فإذا فهمت ما ذكرته لك في هذه الحضرة علمت الأمر العلمي على ما هو عليه ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] «حضرة القبض و هي للاسم القابض»لا شك أن القبض معلوم *** في ذاته فالأمر مفهوم و ليس معلوما لنا سره *** لكنه لله معلوم يعلمه الخائف من خوفه *** لذاك يمسي و هو مغموم بستانه تبكيه أطياره *** يعمره الغربان و البوم منقبض عنه و عن مثله *** فسره في الكون مكتوم [قبض الحق من الممكن علمه به و قبض الممكن من الحق وجوده]لها أثر في المحدث و القديم يدعى صاحبها عبد القابض بما يعطيه الممكن من أفعاله فيقبضها الحق منه كما «ورد أن اللّٰه» ﴿يَأْخُذُ الصَّدَقٰاتِ﴾ [التوبة:104] من عباده فيربيها لهم ﴿وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾ [هود:123] فيقبضه بحيث إنه لا يبقى لغير اللّٰه فيه تصرف بعد القبض الإلهي إلا أن يعطيه الحق ذلك فيقبضه العبد من ربه و أول قبض قبضه الممكن من ربه وجوده فقبض الحق من الممكن علمه به و قبض الممكن من الحق وجوده و جميع ما يتصرف فيه و يضاف إليه من الأفعال فإذا وقعت يقبضها الحق من العامل فحضرة القبض بين القابض و المقبوض و المقبوض منه و قد يكون لهذه الحضرة في القابض قبض مجهول و هو خطر جدا كما يكون لها قبض معلوم فإذا وجد العبد من هذه الحضرة قبضا في نفسه لا يعرف سببه و لا يعرف منه سوى علمه بأنه قابض لأمر مجهول فهو مقبوض الباطن للحق بذلك الأمر الذي لا يعلمه فإذا وقع له مثل هذا القبض من هذه الحضرة فليسكن على ما هو عليه و ليتحرك على الميزان المشروع و الميزان العقلي و لا يتزلزل فإنه لا بد أن ينقدح له سبب وجود ذلك القبض إما بما يسوءه أو بما يسره و لله عباد يسرهم كل شيء يقامون فيه من بسط و قبض مجهول و معلوم [أن الأدب مصاحب لحضرة القبض]و اعلم أن الأدب مصاحب لهذه الحضرة و لحضرة البسط فإذا قبض من الحق ما يعطيه اللّٰه فيقبضه من يده في أمور معينة و من يد الغير في أمور معينة يعين ذلك مسمى الخير و الشر فالخير كله بيد اللّٰه فيقبضه منه و لكن بأدب يليق بذلك الخير المعين و ابذل جهدك في إن لا تقبض الشر جملة واحدة فإن أعماك الحق و أصمك و استعملك في قبض الشر فمن الأدب أن لا تقبضه من يد اللّٰه و اقبضه من يد المسمى شيطانا فإن على يده يأتيك الشر فلو زال هذا البريد لم يقع في الوجود حكم شر و ما أظهر عين الشر من هذا الشيطان إلا التكليف فإذا ارتفع ارتفع هذا الحكم و لم يبق إلا الغرض و الملاءمة فنيل الغرض و الملائم خير و فقد ما تعلق به الغرض و ما لا يلائم شر فخذ الخير كله سواء نسبتهما إلى الشرع أو إلى الغرض أو الملاءمة فمن القبض ما يكون عن وهب و منه ما يكون عن جود و كرم و عن سخاء و عن إيثار و ليس إلا قبض الشر يكون و هو عن إيثار لجناب الحق حيث أضفته إلى نفسك و لم تضفه إلى اللّٰه أدبا مع اللّٰه حيث لم ينسبه إلى نفسه «فإن رسول اللّٰه ﷺ المترجم عن اللّٰه تعالى يقول و الشر ليس إليك» و قال ﴿وَ مٰا أَصٰابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ [النساء:79] فكل ما يسوءك فهو شر في حقك فلو لم يطلق عليه اسم شر لم تضفه إليك و لا أضافه الحق إليك أ لا تراه إذا نظرته فعلا من غير حكم عليه كيف يقول ﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللّٰهِ﴾ [النساء:78] ظهر فقف مع الحكم الإلهي في الأشياء و على الأشياء تكن أديبا معصوما فإنه لا يحفظ اللّٰه هذا المقام إلا على من عصم اللّٰه و اعتنى به و من هذه الحضرة |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |