الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() لها وقوع في الوهم و كذا هي مفصلة في الثبوت الإمكانى فإن قوة الخيال ما عندها محال أصلا و لا تعرفه فلها إطلاق التصرف في الواجب الوجود و المحال و كل هذا عندها قابل بالذات إمكان التصور و هذه القوة و إن كان لها هذا الحكم فيمن خلقها فهي مخلوقة و هذا الحكم لها وصف ذاتي نفسي لا يكون لها وجود عين فيمن خلقت فيه إلا و لها هذا الحكم فإنه عين نفسها و ما حازها إلا هذا النشء الإنساني و بها يرتب الإنسان الأعيان الثبوتية في حال عدمها كأنها موجودة و كذلك هي لأن لها وجودا متخيلا في الخيال و لذلك الوجود الخيالي يقول الحق له كن في الوجود العيني فيكون السامع هذا الأمر الإلهي وجودا عينيا يدركه الحس أي يتعلق به في الوجود المحسوس الحس كما تعلق به الخيال في الوجود الخيالي و هنا حارت الألباب هل الموصوف بالوجود المدرك بهذه الإدراكات العين الثابتة انتقلت من حال العدم إلى حال الوجود أو حكمها تعلق تعلقا ظهوريا بعين الوجود الحق تعلق صورة المرئي في المرآة و هي في حال عدمها كما هي ثابتة منعوتة بتلك الصفة فتدرك أعيان الممكنات بعضها بعضا في عين مرآة وجود الحق و الأعيان الثابتة على ترتيبها الواقع عندنا في الإدراك هي على ما هي عليه من العدم أو يكون الحق الوجودي ظاهرا في تلك الأعيان و هي له مظاهر فيدرك بعضها بعضا عند ظهور الحق فيها فيقال قد استفادت الوجود و ليس إلا ظهور الحق و هو أقرب إلى ما هو الأمر عليه من وجه و الآخر أقرب من وجه آخر و هو أن يكون الحق محل ظهور أحكام الممكنات غير أنها في الحكمين معدومة العين ثابتة في حضرة الثبوت و يكشف المكاشف هذين الوجهين و هو الكشف الكامل و بعضهم لا يكشف من ذلك إلا الوجه الواحد كان ما كان فنطق صاحب كل كشف بحسب ما كشف و ليس هذا الحكم إلا لأهل هذا الطريق و أما غيرهم فإنهم على قسمين طائفة تقول لا عين لممكن في حال العدم و إنما يكون له عين إذا أوجده الحق و هم الأشاعرة و من قال بقولهم و طائفة تقول إن لها أعيانا ثبوتية هي التي توجد بعد أن لم تكن و ما لا يمكن وجوده كالمحال فلا عين له ثابتة و هم المعتزلة و المحققون من أهل اللّٰه يثبتون بثبوت الأشياء أعيانا ثابتة و لها أحكام ثبوتية أيضا بها يظهر كل واحد منها في الوجود على حد ما قلناه من أن تكون مظهرا أو يكون له الحكم في عين الوجود الحق فهذا يعطيه حضرة الخلق و الأمر ﴿أَلاٰ لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ﴾ [الأعراف:54] كما له ﴿اَلْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ﴾ [الروم:4] ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] «الحضرة البارئية و هي للاسم البارئ»برأ اللّٰه عليه خلقه *** فلذا كان على صورته فهو يمشي في وجودي دائما *** بالذي يعلم من سيرته [خلق الحق نفسه]يدعى صاحبها عبد البارئ فمن أصحابنا من قصرها على كل مخلوق من الأرض العنصري خاصة ما لها سوى ذلك من الخلق و ما عدا هذا الخلق المنسوب إلى أرض العنصر فخلق آخر ما هو عين هذا و من أصحابنا من عمم الأمر في كل مخلوق من أرض الطبيعة فدخل فيه كل صورة طبيعية من جوهر الهيولى إلى كل صورة تظهر فيه فلم يدخل اللوح و القلم و الملائكة المهيمة في هذا الخلق و جعل أولئك خلقا آخر و الكل خلق في العماء الذي هو نفس الرحمن القابل لصور كل ما سوى اللّٰه و قد ورد ذلك في خلق الحق نفسه فردته العقول كلها لعدم فهمها من ذلك و ما شعرت بأن كل صاحب مقالة في اللّٰه إنه يتصور في نفسه أمرا ما يقول فيه هو اللّٰه فيعبده و هو اللّٰه لا غيره و ما خلقه في ذلك المحل إلا اللّٰه فهذا معنى ذلك الخبر و اختلفت المقالات باختلاف نظر النظار فيه فكل صاحب نظر ما عبد و لا اعتقد إلا ما أوجده في محله و ما وجد في محله و قلبه إلا مخلوق و ليس هو إلا له الحق و في تلك الصورة أعني المقالة تتجلى له و إن كانت العين من حيث ما هي واحدة و لكن هكذا تدركه و هذا معنى قول عليم الأسود حين ضرب بيده الأسطوانة فصارت ذهبا في عين الرائي فلما بهت الرائي عند ذلك قال له عليم يا هذا إن الأعيان لا تنقلب و لكن هكذا تراها لحقيقتك بربك يشير إلى ظهور الحق في صورة كل اعتقاد لكل معتقد و هذا هو الحق المخلوق به في نفس كل ذي عقد من ملك و جان و إنسان مقلد أو صاحب نظر فجاءت الأنبياء في الحق على مقالة واحدة لا تتبدل و لا تتغير بل عين ما أثبته الأول أثبته كل رسول بعده |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |