الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
فهي له باقية فهو خير و أبقى لأن له الحكم في عين الوجود و الحكم لا يزال باقيا فهو خير و أبقى ممن هو منه خير و أبقى في هذا الحكم لما أعطى من العلم بنفسه للعالم به و اللّٰه خير و أبقى لأنه لو لا بقاء عينه ما كان لحكم هذا الممكن فيما يظهر فهو خير و أبقى ممن هو عنده خير و أبقى فخير و أبقى ممن هو خير و أبقى فعندية الحق ما عندها *** سوانا و ما عندنا من سواه فخيرية الحق مشهودة *** و خيرية الكون ما لا نراه فلما حمانا أرانا حمانا *** فلما رأيناه كنا حماه فمنه إلينا و منا إليه *** فعين ضلالتنا من هداه فللعبد في ذا و ذاك الذي *** رأيناه من حكمه ما نواه فأعيان العالم محفوظون في خزائنه عنده و خزائنه علمه و مختزنه نحن فنحن أثبتنا له حكم الاختزان لأنه ما علمنا إلا منا فكان طريقا وسطا بين شيئية ثبوتنا و شيئية وجودنا فإذا أراد أن ينقلنا إلى شيئية وجودنا أمرنا عليه فاكتسينا الوجود منه فظهرنا بصورته في شيئية وجودنا و صورته ما نحن عليه في شيئية ثبوت فإن علمه عين ذاته و إنما سمي علما لتعلقه بالمعلوم و التعلق محبة فلو كان العدم وسطا بين شيئية الثبوت و شيئية الوجود لكان إذا أراد إيجادنا مر بنا على العدم فاكتسبنا منه نفي شيئية الثبوت فلم نوجد لا في الثبوت و لا في الوجود فلذلك لم يكن لنا طريق إلا على وجود الحق لنستفيد منه الوجود فتفهم هذا الترتيب فإنه نافع مفيد فإنه يعطيك العلم بحكم المواطن و أنها تحكم بنفسها في كل من ظهر فيها فمن مر على موطن انصبغ به و الدليل الواضح في ذلك رؤيتك اللّٰه تعالى في النوم و هو موطن الخيال فلا ترى الحق فيه إلا في صورة جسدية كانت تلك الصورة ما كانت فهذا حكم الموطن قد حكم عليك في الحق إنك لا تراه إلا هكذا كما إنك إذا دخلت موطن النظر العقلي و خرجت عن خزانة الخيال و موطنه لم تدرك الحق تعالى إلا منزها عن الصورة التي أدركته فيها في موطن الخيال و إذا كان الحكم للموطن عرفت إذا رأيت الحق ما رأيت و أثبت ذلك للموطن أعني ذلك الحكم حتى يبقى الحق لك مجهولا أبدا فلا يحصل لك منه علم في نفسك إلا بتوحيد المرتبة له و أما إن تعلم ذاته فمحال ذلك لأنك ما تخلو عن موطن تكون فيه يحكم عليك ذلك الموطن بأن لا ترى الحق إلا به فإنك تفارق ما أعطاك من العلم به في موطن آخر فتحكم على الحق في كل موطن بحكم ما هو عين الحكم الذي حكمت به عليه في الموطن الذي قبله فتعرف عند ذلك إنك ما تعرفه من حيث يعرف نفسه و هذا غايتنا من العلم به تعالى فما عندنا منه في موطن ينفد في موطن آخر فما عندنا ينفد و ما عند اللّٰه باق من علمه بنفسه لا يتغير و لا يتبدل و لا يتنوع لنفسه في نفسه بتنوع المواطن فإن المواطن تنوعها لذاتها و لو لم تتنوع لكانت موطنا واحدا كما أن الأسماء لو لم تختلف معانيها لكانت اسما واحدا كما هي واحد من حيث مسماها في مثل قوله ﴿قُلِ ادْعُوا اللّٰهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمٰنَ﴾ [الإسراء:110] هذا من حيث المسمى فإنه قال ﴿أَيًّا مٰا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ﴾ [الإسراء:110] فوحد لما أراد المسمى و لم يراع اختلاف الحقائق التي تدل عليه ألفاظ هذه الأسماء الحسنى فإن لم تعلم قوله ﴿مٰا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَ مٰا عِنْدَ اللّٰهِ بٰاقٍ﴾ [النحل:96] على ما أعلمتك به فما علمت إلا صورة صحيحة لا روح لها فإذا علمت الأمر كما أعلمتك به نفخت في تلك الصورة الظاهرة روحا تحيي به فكنت خالقا داخلا في جملة من وصف اللّٰه نفسه بالفضل عليه في ذلك فقال تعالى ﴿فَتَبٰارَكَ اللّٰهُ أَحْسَنُ الْخٰالِقِينَ﴾ [المؤمنون:14] فأثبتك و كل من أنشأ صورة بغير روح فذلك هو المصور الذي يعذب بما صوره يوم القيامة بأن يقال له هنالك أحي ما خلقت و ليس بمحيي و يقال له انفخ فيها روحا و ليس بنافخ و هذا من حكم الموطن لأن ذلك الموطن أعني موطن يوم الحشر يعطي ظهور عجز العالم عما كان ينسب إليه في موطن الدنيا من الاقتدار عليه كان عيسى عليه السّلام ينفخ في الطائر الذي خلقه روحا فيكون طائرا بالصورة و المعنى و قيل ليس إلا صورة طائر لا طائرا و لذلك قال عز و جل ﴿كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ﴾ [آل عمران:49] ما قال طيرا حتى حصل فيه الروح و قد ثبت عندنا عن ذي النون المصري أنه أحيا ابن العجوز بإذن اللّٰه الذي التقمه التمساح و أن أبا يزيد أحيا النملة بإذن اللّٰه كما إن موطن الخيال يعطي في أعين الناظرين حياة الجمادات و حركتها و هي في نفسها ليست بتلك الحياة التي تدركها الأبصار كحبال سحرة موسى ع |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
||||||||||





