فيه لأنه أخبرني أن النخامة كانت تدور في فيه لا يقدر أن يلقيها من فيه لأنه لا يجد لها محلا تقع فيه خاليا من الحق و قد علم ما جاء في الأدب في إلقائها في الشرع فكان يتحير و رأيت آخر مثله بإشبيلية من بلاد الأندلس و روينا عن الحلاج أنه ذاق من هذا المقام حتى ظهر عليه منه حال المقام فكان له بيت يسمى بيت العظمة إذا دخل فيه ملأه كله بذاته في عين الناظر حتى نسب إلى علم السيمياء في ذلك لجهلهم بما هم عليه أهل اللّٰه من الأحوال و المتمكن في هذا المقام لا يظهر عليه بالحال ما يدل على أنه صاحب هذا الذوق و لكن نعوته تجري بحكم هذا المقام لا حاله فإن الحال يعطي خرق العوائد كما قال صاحب محاسن المجالس فيها لما ذكر الأحوال أنها للمريدين قال و الأحوال للكرامات يريد خرق العوائد و ليست الكرامات في عرف هذا اللسان الأخرق العوائد مع الاستقامة في الحال أو تنتج الاستقامة في الفور لا بد من ذلك عندهم و سبب هذا التحديد إن خرق العادة قد لا يكون كرامة من اللّٰه للعبد فأكملهم في مقام العظمة من يجهل حاله و لا يعرف فيعرف ما يعامل به و يجار الناظر فيه إلا أنه على بينة من ربه و بصيرة من أمره فمن أراد أن يعرف أحوال هذا الإمام فليتدبر آيات سورة البقرة آية بعد آية حتى بختمها فهذا القطب مجموع آيها و بالله التوفيق و أما القطب الثامن الذي على قدم الياس عليه السّلام و سورته آل عمران و هي البيضاء أيضا و منازله بعدد آيها و لست أعني بقولي القطب الأول و الثاني إن هذا الترتيب بالزمان إنما أريد به ترتيب العدد إلى أن يكمل اثنا عشر قطبا فقد يكون الثاني عشر أو غيره هو الأول بالزمان و إنما أعلمت بذلك لئلا يتوهم من قد أوقفه اللّٰه و أطلعه على العلم بأزمان هؤلاء الأقطاب فيرى هذا الترتيب الذي سقناه فيهم أنه ترتيب أزمانهم فلذلك بينت أنه ترتيب العدد لا غير و حال هذا القطب العلم بالمتشابه من كلام اللّٰه الذي ﴿مٰا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّٰهُ﴾ [آل عمران:7] فيعلمه هذا القطب بإعلام اللّٰه خاصة و لا يعلم أبدا إلا بإعلام اللّٰه فيكون عنده محكما في تشابهه فيعرف من أي وجه كان التشابه فيه فيحصل له علم المناسبة التي جمعت بين اللّٰه و بين من وقع معه التشابه في الآية كآيات التشبيه كلها أو ترقع التشبيه من طريق دلالة للفظ المشترك الذي لا يكون إلا لمناسبة خفية فإن المناسبة في التشبيه جلية و في الاشتراك خفية كالنور للعلم جلي فتسمى العلم نورا و النور نورا كقوله ﴿وَ جَعَلْنٰا لَهُ نُوراً﴾ [الأنعام:122] و ﴿جَعَلْنٰاهُ﴾ [البقرة:66] يعني الوحي و هو العلم ﴿نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِنٰا﴾ [الشورى:52] و في الاشتراك كالعين فالمناسبة في العينية في كل مسمى بالعين خفية فهي عند هذا القطب جلية بإعلام اللّٰه و أما أصحاب التأويل بالنظر في ذلك فما هم على علم و إن صادفوا العلم و من هذا العلم تعلم أن النساء شقائق الرجال أ لا ترى حواء خلقت من آدم فلها حكمان حكم الذكورة بالأصل و حكم الأنوثة بالعارض فهي من المتشابه فإن الإنسانية مجمع الذكر و الأنثى و أين حقيقة الفاعل من المنفعل لمن هو فيه فاعل و لا يفعل إلا في مشاكله و ذلك أنه أول ما أحدث الانفعال في نفسه فظهر فيه صورة ما ينفعل عنه و بتلك القوة انفعل عنه ما انفعل و ظهر كالبديع و المخترع و الحق قد قدمنا تحقيق العلم بالعالم أن العلم يتبع المعلوم و العلم صفة العالم و المعطي العلم ما هو المعلوم عليه ثم يعطي العالم إيجاد المعلوم كما يعطي المخترع إيجاد الأمر المخترع و إظهاره في الوجود فمن هنا يعرف لما حبب اللّٰه النساء لمحمد ﷺ فمن أحب النساء حب النبي ﷺ لهن فقد أحب اللّٰه و الجامع الانفعال لما كان من إعطاء المعلوم العلم ليقال فيه إنه عالم فهو أول منفعل لمعلوم و ظهر في عيسى انفعاله عن مريم في مقابلة حواء من آدم ﴿إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَذِكْرىٰ لِمَنْ كٰانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ [ق:37] فيفهم قول اللّٰه عز و جل ﴿يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ إِنّٰا خَلَقْنٰاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ﴾ [الحجرات:13] مثل حواء ﴿وَ أُنْثىٰ﴾ [الحجرات:13] مثل عيسى و بالمجموع مثل بنى آدم باقي الذرية فهي الجامعة لخلق الناس و لقد كنت من أكره خلق اللّٰه تعالى في النساء و في الجماع في أول دخولي إلى هذا الطريق و بقيت على ذلك نحوا من ثمان عشرة سنة إلى أن شهدت هذا المقام و كان قد تقدم عندي خوف المقت لذلك لما وقفت على «الخبر النبوي أن اللّٰه حبب النساء لنبيه ص» فما أحبهن طبعا و لكنه أحبهن بتحبيب اللّٰه إليه فلما صدقت مع اللّٰه في التوجه إليه تعالى في ذلك من خوفي مقت اللّٰه حيث أكره ما حببه اللّٰه لنبيه أزال عني ذلك بحمد اللّٰه و حببهن إلي فإنا أعظم الخلق شفقة عليهن و أرعى لحقهن لأني في ذلك على بصيرة و هو عن تحبب لا عن حب طبيعي و ما يعلم قدر النساء إلا من علم و فهم عن اللّٰه ما قاله في حق زوجتي رسول اللّٰه ﷺ عند ما تعاونا عليه و خرجا عليه كما ذكر اللّٰه في سورة التحريم و جعل في مقابلة