ما قيل له كن و هذه الممكنات في هذا البرزخ بما هي عليه و ما تكون إذا كانت مما تتصف به من الأحوال و الأعراض و الصفات و الأكوان و هذا هو العالم الذي لا يتناهى و ما له طرف ينتهي إليه و هو العامر الذي عمر الأرض التي خلقت من بقية خميرة طينة آدم عليه السّلام عمارة الصور الظاهرة للرائي في الجسم الصقيل عمارة إفاضة و من هذا البرزخ هو وجود الممكنات و بها يتعلق رؤية الحق للأشياء قبل كونها و كل إنسان ذي خيال و تخيل إذا تخيل أمرا ما فإن نظره يمتد إلى هذا البرزخ و هو لا يدري أنه ناظر ذلك الشيء في هذه الحضرة و هذه الموجودات الممكنات التي أوجدها الحق تعالى هي للاعيان التي يتضمنها هذا البرزخ بمنزلة الظلالات للأجسام بل هي الظلالات الحقيقية و هي التي وصفها الحق سبحانه بالسجود له مع سجود أعيانها فما زالت تلك الأعيان ساجدة له قبل وجودها فلما وجدت ظلالاتها وجدت ساجدة لله تعالى لسجود أعيانها التي وجدت عنها من سماء و أرض و شمس و قمر و نجم و جبال و شجر و دواب و كل موجود ثم لهذه الظلالات التي ظهرت عن تلك الأعيان الثابتة من حيث ما تكونت أجساما ظلالات أوجدها الحق لها دلالات على معرفة نفسها من أين صدرت ثم إنها تمتد مع ميل النور أكثر من حد الجسم الذي تظهر عنه إلى ما لا يدركه طولا و مع هذا ينسب إليه و هو تنبيه إن العين التي في البرزخ التي وجدت عنها لا نهاية لها كما قررناه في تلك الحضرة البرزخية الفاصلة بين الوجود المطلق و العدم المطلق و أنت بين هذين الظلالين ذو مقدار فأنت موجود عن حضرة لا مقدار لها و يظهر عنك ظل لا مقدار له فامتداده يطلب تلك الحضرة البرزخية و تلك الحضرة البرزخية هي ظل الوجود المطلق من الاسم النور الذي ينطلق على وجوده فلهذا نسميها ظلا و وجود الأعيان ظل لذلك الظل و الظلالات المحسوسة ظلالات هذه الموجودات في الحس و لما كان الظل في حكم الزوال لا في حكم الثبات و كانت الممكنات و إن وجدت في حكم العدم سميت ظلالات ليفصل بينها و بين من له الثبات المطلق في الوجود و هو واجب الوجود و بين من له الثبات المطلق في العدم و هو المحال لتتميز المراتب فالأعيان الموجودات إذا ظهرت ففي هذا البرزخ هي فإنه ما ثم حضرة تخرج إليه ففيها تكتسب حالة الوجود و الوجود فيها متناه ما حصل منه و الإيجاد فيها لا ينتهي فما من صورة موجودة إلا و العين الثابتة عينها و الوجود كالثوب عليها فإذا أراد الحق أن يوحي إلى ولي من أوليائه بأمر ما تجلى الحق في صورة ذلك الأمر لهذه العين التي هي حقيقة ذلك الولي الخاص فيفهم من ذلك التجلي بمجرد المشاهدة ما يريد الحق أن يعلمه به فيجد الولي في نفسه علم ما لم يكن يعلم كما وجد النبي عليه السّلام العلم في الضربة و في شربه اللبن و من الأولياء من يشعر بذلك و منهم من لا يشعر به فمن لا يشعر يقول وجدت في خاطري أمر كذا و كذا و يكون ما يقول على حد ما يقول فيعرف من يعرف هذا المقام من أي مقام نطق هذا الولي و هو أتم ممن لا يعرف و تلك حضرة العصمة من الشياطين فهو وحي خالص لا يشوبه ما يفسده و إن اشتبه عليك أمر هذا البرزخ و أنت من أهل اللّٰه فانظر في قوله تعالى ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيٰانِ بَيْنَهُمٰا بَرْزَخٌ لاٰ يَبْغِيٰانِ﴾ أي لو لا ذلك البرزخ لم يتميز أحدهما عن الآخر و لأشكل الأمر و أدى إلى قلب الحقائق فما من متقابلين إلا و بينهما برزخ لا يبغيان أي لا يوصف أحدهما بوصف الآخر الذي به يقع التميز و هو محل دخول الجنة التي لا تنال إلا برحمة اللّٰه و لهذا لا يصح أن يكون له عمل و هو حال الدخول إليها فلا تتصف بأنك قد دخلت و لا بأنك خارج و هو خط متوهم يفصل بين خارج الجنة و داخلها فهو كالحال الفاصل بين الوجود و العدم فهو لا موجود و لا معدوم فإن نسبته إلى الوجود وجدت فيه منه رائحة لكونه ثابتا و إن نسبته إلى العدم صدقت لأنه لا وجود له و العجب من الأشاعرة كيف تنكر على من يقول إن المعدوم شيء في حال عدمه و له عين ثابتة ثم يطرأ على تلك العين الوجود و هي تثبت الأحوال اللهم منكر الأحوال لا يتمكن له هذا ثم إن هذا البرزخ الذي هو الممكن بين الوجود و العدم سبب نسبة الثبوت إليه مع نسبة العدم هو مقابلته للأمرين بذاته و ذلك أن العدم المطلق قام للوجود المطلق كالمرآة فرأى الوجود فيه صورته فكانت تلك الصورة عين الممكن فلهذا كان للممكن عين ثابتة و شيئية في حال عدمه و لهذا خرج على صورة الوجود المطلق و لهذا أيضا اتصف بعدم التناهي فقيل فيه إنه لا يتناهى و كان أيضا الوجود المطلق كالمرآة للعدم المطلق فرأى